في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ سَوَّىٰهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِۦۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (9)

( ثم سواه ، ونفخ فيه من روحه ، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) . .

يا الله . ما أضخم الرحلة ! وما أبعد الشقة ! وما أعظم المعجزة التي يمر عليها الناس غافلين !

أين تلك النقطة الصغيرة المهينة من ذلك الإنسان الذي تصير إليه في النهاية ، لولا أنها يد الله المبدعة التي تصنع هذه الخارقة . والتي تهدي تلك النقطة الصغيرة الضعيفة إلى اتخاذ طريقها في النمو والتطور والتحول من هيئتها الساذجة إلى ذلك الخلق المعقد المركب العجيب ?

هذا الانقسام في تلك الخلية الواحدة والتكاثر . ثم التنويع في أصناف الخلايا المتعددة ذات الطبيعة المختلفة ، والوظيفة المختلفة ؛ التي تتكاثر هي بدورها لتقوم كل مجموعة منها بتكوين عضو خاص ذي وظيفة خاصة . وهذا العضو الذي تكونه خلايا معينة من نوع خاص ، يحتوي بدوره على أجزاء ذات وظائف خاصة وطبيعة خاصة ، تكونها خلايا أكثر تخصصا في داخل العضو الواحد . . هذا الانقسام والتكاثر مع هذا التنويع كيف يتم في الخلية الأولى وهي خلية واحدة ? وأين كانت تكمن تلك الخصائص كلها التي تظهر فيما بعد في كل مجموعة من الخلايا المتخصصة الناشئة من تلك الخلية الأولى ? ثم أين كانت تكمن الخصائص المميزة لجنين الإنسان من سائر الأجنة ? ثم المميزة لكل جنين إنساني من سائر الأجنة الإنسانية ? ثم الحافظة لكل ما يظهر بعد ذلك في الجنين من استعدادات خاصة ، ووظائف معينة ، وسمات وشيات طوال حياته ? !

ومن ذا الذي كان يمكن أن يتصور إمكان وقوع هذه الخارقة العجيبة لولا أنها وقعت فعلا وتكرر وقوعها ?

إنها يد الله التي سوت هذا الإنسان ؛ وإنها النفخة من روح الله في هذا الكيان . . إنها التفسير الوحيد الممكن لهذه العجيبة التي تتكرر في كل لحظة ، والناس عنها غافلون . . ثم هي النفخة من روح الله التي جعلت من هذا الكائن العضوي إنسانا ذا سمع وذا بصر وذا إدراك إنساني مميز من سائر الكائنات العضوية الحيوانية : ( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) . . وكل تعليل آخر عاجز عن تفسير تلك العجيبة التي تواجه العقل البشري بالحيرة الغامرة التي لا مخرج منها بغير ذلك التفسير .

ومع كل هذا الفيض من الفضل . الفضل الذي يجعل من الماء المهين ذلك الإنسان الكريم . الفضل الذي أودع تلك الخلية الصغيرة الضعيفة كل هذا الرصيد من القدرة على التكاثر والنماء ، والتطور والتحول ، والتجمع والتخصص . ثم أودعها كل تلك الخصائص والاستعدادات والوظائف العليا التي تجعل من الإنسان إنسانا . . مع كل هذا الفيض فإن الناس لا يشكرون إلا في القليل : ( قليلا ما تشكرون ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ثُمَّ سَوَّىٰهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِۦۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (9)

{ ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون . . . . }

المفردات :

سواه : قومه بتصوير أعضائه على ما ينبغي وأتمه .

التفسير :

أتم الله خلق الإنسان وتسوية أعضائه وتحول في بطن أمه من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى عظام ثم كسا الله العظام لحما ، ثم نفخ الله فيه الروح وجعل الله له السمع ليسمع والبصر ليبصر والفؤاد ليفهم ويفقه وأنعم عليه بأجل النعم بيد أن الإنسان قليلا ما يشكر ربه على هذه النعم الجليلة بل كثيرا ما يقابل ذلك بالكنود والكفر .

قال تعالى : وقليل من عبادي الشكور . ( سبأ : 12 ) .