بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ثُمَّ سَوَّىٰهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِۦۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (9)

ثم رجع إلى آدم عليه السلام فقال عز وجل : { ثُمَّ سَوَّاهُ } يعني : سوى خلقه { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } .

ثم رجع إلى ذريته فقال : { وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار } ويقال : هذا كله في صفة الذرية يعني : ثم { جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مّن مَّاء مَّهِينٍ } يعني : من نطفة ضعيفة { ثُمَّ سَوَّاهُ } يعني : جمع خلقه في رحم أمه { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } يعني : جعل فيه الروح بأمره ، { وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة } .

ثم قال : { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } يعني : لا تشكرون رب هذه النعم على حسن خلقكم ، فتوحّدوه . فلا تستعملوا سمعكم وأفئدتكم إلا في طاعتي . ويقال : { ما } هاهنا صلة . فكأنه يقول : تشكرونه قليلاً . ويقال : { ما } بمعنى : الذي . فكأنه قال : فقليل الذي تشكرون ، وقد يكون الكلام بعضه بلفظ المغايبة وبعضه بلفظ المخاطبة ، كما قال هاهنا : ثم قال : { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } بلفظ المغايبة . ثم قال : { وَجَعَلَ لَكُمُ } بلفظ المخاطبة .