في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَـٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا} (43)

36

وإلى جانب الأمر بذكر الله وتسبيحه ، إشعار القلوب برحمة الله ورعايته ، وعنايته بأمر الخلق وإرادة الخير لهم ؛ وهو الغني عنهم ، وهم الفقراء المحاويج ، لرعايته وفضله :

( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ، ليخرجكم من الظلمات إلى النور . وكان بالمؤمنين رحيما ) . .

وتعالى الله وجلت نعمته ، وعظم فضله ، وتضاعفت منته ؛ وهو يذكر هؤلاء العباد الضعاف المحاويج الفانين ، الذين لا حول لهم ولا قوة ، ولا بقاء لهم ولا قرار . يذكرهم ، ويعني بهم ، ويصلي عليهم هو وملائكته ، ويذكرهم بالخير في الملأ الأعلى فيتجاوب الوجود كله بذكرهم ، كما قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " يقول الله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " . .

ألا إنها لعظيمة لا يكاد الإدراك يتصورها . وهو يعلم أن هذه الأرض ومن عليها وما عليها إن هي إلا ذرة صغيرة زهيدة بالقياس إلى تلك الأفلاك الهائلة . وما الأفلاك وما فيها ومن فيها إلا بعض ملك الله الذي قال له : كن . فان !

( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور ) . .

ونور الله واحد متصل شامل ؛ وما عداه ظلمات تتعدد وتختلف . وما يخرج الناس من نور الله إلا ليعيشوا في ظلما من الظلمات ، أو في الظلمات مجتمعة ؛ وما ينقذهم من الظلام إلا نور الله الذي يشرق في قلوبهم ، ويغمر أرواحهم ، ويهديهم إلى فطرتهم . وهي فطرة هذا الوجود . ورحمة الله بهم وصلاة الملائكة ودعاؤها لهم ، هي التي تخرجهم من الظلمات إلى النور حين تتفتح قلوبهم للإيمان : ( وكان بالمؤمنين رحيما ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَـٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا} (43)

{ هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما } .

المفردات :

يصلي عليكم : بالرحمة والرعاية والتوفيق .

وملائكته : بالاستغفار .

من الظلمات : من الكفر والمعصية .

إلى النور : إلى الإيمان والطاعة .

التفسير :

الله تعالى يشملكم برحمته وعنايته وفضله وهدايته والملائكة تستغفر لكم وتسأل الله لكم المغفرة ودخول الجنة والنجاة من النار وبرحمة الله واستغفار الملائكة ، يخرجكم الله من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الإيمان والهداية ورحمة الله واسعة ، فيشمل بها المؤمنين والمؤمنات .

قال ابن عباس : الصلاة من الله تعالى رحمة وبركة ، وصلاة الملائكة استغفار وصلاة المؤمنين دعاء .

وقال ابن كثير : هذا تهييج إلى الذكر أي أنه تعالى يذكركم فاذكروه أنتم كقوله تعالى : { فاذكروني أذكركم . . } ( البقرة : 152 ) .