في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَنِ ٱعۡمَلۡ سَٰبِغَٰتٖ وَقَدِّرۡ فِي ٱلسَّرۡدِۖ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (11)

10

( أن اعمل سابغات وقدّر في السرد ) .

والسابغات الدروع . روي أنها كانت تعمل قبل داود - عليه السلام - صفائح . الدرع صفيحة واحدة فكانت تصلب الجسم وتثقله . فألهم الله داود أن يصنعها رقائق متداخلة متموجة لينة يسهل تشكيلها وتحريكها بحركة الجسم ؛ وأمر بتضييق تداخل هذه الرقائق لتكون محكمة لا تنفذ منها الرماح . وهو التقدير في السرد . وكان الأمر كله إلهاماً وتعليماً من الله .

وخوطب داود وأهله :

( واعملوا صالحاً إني بما تعملون بصير ) . .

لا في الدروع وحدها بل في كل ما تعملون ؛ مراقبين الله الذي يبصر ما تعملون ويجازي عليه ، فلا يفلت منه شيء ، والله به بصير . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَنِ ٱعۡمَلۡ سَٰبِغَٰتٖ وَقَدِّرۡ فِي ٱلسَّرۡدِۖ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (11)

10

{ أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير } .

المفردات :

وقدر : أحكم أو اقتصد . السرد : نسج الدروع ، أي اجعل المسامير مقدرة على قدر الحلق فلا يكون غليظا ولا دقيقا .

التفسير :

أي أوحينا إليه أن اعمل دروعا سابغات أي كاملات تامة واسعات يقال : نعمة سابغات أسي كاملة وافرة قال تعالى : { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة . . . } ( لقمان : 20 )

{ وقدر في السرد . . . }

أي أحكم صنع الدروع بحيث يكون في أكمل صورة وأحسن هيئة ، متناسبة الحلقات والمسامير فلا تكون الحلقات واسعة ولا ضيقة ، بل متناسقة على قدر الحاجة محكمة على قدر حاجة الجسم وكان داود عليه السلام أول من صنع الدروع المحكمة .

قال قتادة : كانت الدروع قبله صفائح ثقالا .

وقال المفسرون { وقدر في السرد } : أي لا تغلظ المسامير فيتسع الثقب ولا توسع الثقب فتقلقل المسامير فيها . iv

قال الفخر الرازي : قيل إنه طلب من الله أن يغنيه عن أكل مالا بيت المال فألان له الحديد وعلمه صنعة اللبوس وهي الدروع .

{ واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير } .

أي اعملوا يا آل داود عملا صالحا فإني مطلع ومشاهد ومراقب لكم بصير بأعمالكم وأقوالكم لا يخفى علي شيء منها .

وفي معنى ذلك قوله تعالى : { إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق } ( ص : 18 ) .

وقوله عز شأنه : { وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون } . ( الأنبياء : 79-80 ) .