في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَيۡهِمۡ كِسَفٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ} (9)

هؤلاء المكذبون بالآخرة يوقظهم بعنف على مشهد كوني يصور لهم أنه واقع بهم - لو شاء الله - وظلوا هم في ضلالهم البعيد . مشهد الأرض تخسف بهم والسماء تتساقط قطعاً عليهم :

( أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض ? إن نشأ نخسف بهم الأرض ، أو نسقط عليهم كسفاً من السماء . إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ) . .

وهو مشهد كوني عنيف ، منتزع في الوقت ذاته من مشاهداتهم أو من مدركاتهم المشهودة على كل حال .

فخسف الأرض يقع ويشهده الناس . وترويه القصص والروايات أيضاً . وسقوط قطع من السماء يقع كذلك عند سقوط الشهب وحدوث الصواعق . وهم رأوا شيئاً من هذا أو سمعوا عنه . فهذه اللمسة توقظ الغفاة الغافلين ، الذين يستبعدون مجيء الساعة . والعذاب أقرب إليهم لو أراد الله أن يأخذهم به في هذه الأرض قبل قيام الساعة . يمكن أن يقع بهم من هذه الأرض وهذه السماء التي يجدونها من بين أيديهم ومن خلفهم ، محيطة بهم ، وليست بعيدة عنهم بعد الساعة المغيبة في علم الله . ولا يأمن مكر الله إلا القوم الفاسقون .

وفي هذا الذي يشهدونه من السماء والأرض ، والذي يتوقع من خسف الأرض في أية لحظة أو سقوط قطع من السماء . في هذا آية للقلب الذي يرجع ويثوب :

( إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ) . . لا يضل ذلك الضلال البعيد . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَيۡهِمۡ كِسَفٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ} (9)

{ أفلم يروا على ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء . . . }

المفردات :

نخسف لهم الأرض : نغيبهم في بطنها .

كسفا : قطعا ، جمع كسفة .

منيب : راجع وتائب على الله تعالى .

التفسير :

يلفت القرآن الكريم نظرهم إلى آثار القدرة الإلهية التي رفعت السماء بدون أعمدة وزينتها بالنجوم وخلقت الفضاء والهواء والأنهار والبحار والأرض والجبال والليل والنهار والشمس والقمر والإنسان والحيوان والنبات وأمسكت بزمام هذا الكون تحفظه وترعاه وتمده بمقومات الحياة والتكامل .

فهلا نظروا نظر اعتبار على ما بين أيديهم من أخبار الأمم السابقة كقوم نوح وعاد وثمود ، الذين كذبوا فأهلكوا أو إلى ما بين أيديهم من السماء التي فوقهم والأرض التي تحتهم وهم محاطون من كل جانب بنعم الله التي تحيط بهم من فوقهم ومن تحتهم وعن أيمانهم وشمائلهم فضلا عن أنهم جميعا لا يستطيعون أن يخرجوا من أقطار السماوات والأرض فالله قاهر لهم وهم جميعا في قبضته إن شاء خسف بهم الأرض بالزلازل والبراكين كما فعل بقارون .

قال تعالى : { فخسفنا به وبداره الأرض . . . } ( القصص : 81 ) .

{ أو نسقط عليهم كسفا من السماء . . . }

أو نسقط عليهم عذابا من السماء أو جزءا من الشهب أو الصواعق أو النوازل التي أهلكت أصحاب الأيكة .

قال تعالى : { فكذبوه فأخذهم عذاب يوم القيامة إنه كان عذاب يوم عظيم } . ( الشعراء : 189 ) .

{ إن في ذلك لآية . . . } .

إن هذه القدرة الإلهية التي تسيطر على هذا الكون وبيدها حفظ هذا النظام وتقليب الليل والنهار وإرسال العذاب من السماء أو الأرض فيها أبلغ الأدلة وأصدق الآيات الهادية على الإيمان .

{ لكل عبد منيب } .

رجاع إلى الله وإلى الإيمان به والاهتداء إلى شرائعه والإيمان برسله وباليوم الآخر .