في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَىٰٓۗ ءَآللَّهُ خَيۡرٌ أَمَّا يُشۡرِكُونَ} (59)

59

قل : الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى . آلله خير أم ما يشركون ? . .

يأمر الله رسوله [ صلى الله عليه وسلم ] أن يقول الكلمة التي تليق أن يفتتح بها المؤمن حديثه ودعوته وجداله ، وأن يختمه كذلك : ( قل : الحمد لله ) . . المستحق للحمد من عباده على آلائه ، وفي أولها هدايتهم إليه ، وإلى طريقه الذي يختاره ، ومنهجه الذي يرضاه . ( وسلام على عباده الذين اصطفى )لحمل رسالته وتبليغ دعوته ، وبيان منهجه .

وبعد هذا الإفتتاح يأخذ في توقيعاته على القلوب المنكرة لآيات الله ، مبتدئا بسؤال لا يحتمل إلا إجابة واحدة ، يستنكر به أن يشركوا بالله هذه الآلهة المدعاة :

آلله خير أم ما يشركون ? . .

وما يشركون أصنام وأوثان ، أو ملائكة وجن ، أو خلق من خلق الله على أية حال ، لا يرتقي أن يكون شبيها بالله - سبحانه - فضلا على أن يكون خيرا منه . ولا يخطر على قلب عاقل أن يعقد مقارنة أو موازنة . ومن ثم يبدو هذا السؤال بهذه الصيغة وكأنه تهكم محض ، وتوبيخ صرف ، لأنه غير قابل أن يوجه على سبيل الجد ، أو أن يطلب عنه جواب !