تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَىٰٓۗ ءَآللَّهُ خَيۡرٌ أَمَّا يُشۡرِكُونَ} (59)

[ الآية 59 ] وقوله تعالى : { قل الحمد لله } أمر نبيه بالحمد له والثناء عليه على إهلاك{[15072]} أعداء الرسل الخالية .

ثم قال : { و سلام على عباده الذين اصطفى } وهم الرسل والأنبياء ، صلوات الله عليهم .

وجائز أن يكون أمره إياه بالحمد له والثناء عليه لما أنعم عليه من أنواع النعم : منها ما [ ذكر من إهلاك ]{[15073]} أعداء الرسل وإبقاء أوليائهم تخويفا لأعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهلكهم{[15074]} كما أهلك أعداء الرسل الخالية . أو أن يكون أمره إياه بالحمد له والثناء عليه لما أنعم عليه من أنواع [ النعم : من ]{[15075]} النبوة والرسالة والهداية ونحوها{[15076]} ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وسلام على عباده الذين اصطفى } يحتمل الرسل كقوله : { وسلام على المرسلين } [ الصافات : 181 ] ويحتمل الأمر بالسلام على ما أصابه وجميع المؤمنين كقوله : { وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة } [ الأنعام : 54 ] أمر رسوله بالسلام على المرسلين وعلى أصحابه وعلى المؤمنين .

ثم في قوله : { اصطفى } دلالة أن لا أحد يستوجب الصفوة إلا بالله حين{[15077]} قال : { اصطفى } .

وقوله تعالى : { أالله خير أما يشركون } أي : أالذي فعل هذا بالأمم{[15078]} الخالية من [ إهلاك الأعداء ]{[15079]} وإبقاء الرسل والأولياء أم الأصنام التي تشركون في عبادته ، وهي لا تملك شيئا من ذلك ؟

يقول ، والله أعلم : إنكم تعلمون أن الله ، يملك ما ذكر من إهلاك أعدائه وإبقاء رسله ، والأصنام التي تعبدونها ، لا تملك شيئا . فكيف تشركون في ألوهيته ؟ وإلا لم يذكر جواب قوله : { أالله خير أما يشركون } جوابه أن يقولوا : بل الله خير .

وكذلك روي في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ثبت : ( أنه كان إذا قرأ هذه الآية قال : بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم ) [ القرطبي في تفسيره : 13/204 ] .


[15072]:- في الأصل وم: هلاك.
[15073]:- في الأصل وم: ذكرا من هلاك.
[15074]:- في الأصل وم: يهلكوا.
[15075]:- ساقطة من الأصل وم.
[15076]:- في الأصل وم: ونحوه.
[15077]:- في الأصل وم: حيث.
[15078]:- من م، في الأصل: بالإثم.
[15079]:- في الأصل وم: الهلاك للأعداء.