بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ وَسَلَٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَىٰٓۗ ءَآللَّهُ خَيۡرٌ أَمَّا يُشۡرِكُونَ} (59)

ثم قال عز وجل : { قُلِ الحمد لِلَّهِ وسلام على عِبَادِهِ } قال بعضهم : معناه قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم { قُلِ الحمد لِلَّهِ } وقال بعضهم : معناه الحمد لله على هلاك كفار الأمم الماضية . يعني : ما ذكر في هذه السورة من هلاك فرعون وقومه ، وثمود وقوم لوط . ويقال : قال : الحمد لله الذي علمك ، وبيّن لك هذا الأمر . ويقال : إن هذا كان للوط حين أنجاه ، أمره بأن يحمد الله تعالى . ثم قال : { وسلام على عِبَادِهِ } يعني : المرسلين { الذين اصطفى } يعني : اختارهم الله تعالى للرسالة والنبوة .

وروي عن مجاهد أنه قال : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكذلك قال مقاتل . وقال سفيان الثوري : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال : { آلله خَيْرٌ *** أَمَّا يُشْرِكُونَ } يعني : آلله تعالى أفضل أم الآلهة التي تعبدونها ، اللفظ لفظ الاستفهام ، والمراد به التقرير ؛ يعني : الله تعالى خير لهم مما يشركون ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ هذه الآية قال : « بل الله خير وأبقى ، وأجل وأكرم » ويقال : معناه أعبادة الله خير أم عبادة ما يشركون به من الأوثان . وقال القتبي : { الله خَيْرًا * أَمَّا يُشْرِكُونَ } . يعني : أم من يشركون ؟ فتكون " ما " مكان " من " كما قال : { والسماء وَمَا بناها } [ الشمس : 5 ] يعني : ومن بناها { وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى } [ الليل : 3 ] يعني : ومن خلق .