تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَدَّقَ عَلَيۡهِمۡ إِبۡلِيسُ ظَنَّهُۥ فَٱتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (20)

ثم ذكر أن قوم سبأ من الذين صدَّق عليهم إبليس ظنه ، حيث قال لربه : { فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } وهذا ظن من إبليس ، لا يقين ، لأنه لا يعلم الغيب ، ولم يأته خبر من اللّه ، أنه سيغويهم أجمعين ، إلا من استثنى ، فهؤلاء وأمثالهم ، ممن صدق عليه إبليس ظنه ، ودعاهم وأغواهم ، { فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ممن لم يكفر بنعمة اللّه ، فإنه لم يدخل تحت ظن إبليس .

ويحتمل أن قصة سبأ ، انتهت عند قوله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }

ثم ابتدأ فقال : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ } أي : على جنس الناس ، فتكون الآية عامة في كل من اتبعه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَدَّقَ عَلَيۡهِمۡ إِبۡلِيسُ ظَنَّهُۥ فَٱتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (20)

قوله تعالى : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( 20 ) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } .

{ صَدَّقَ } ، بالتشديد ، و { ظَنَّهُ } مفعول به{[3806]} أي حقق إبليس ظنه على سبأ ومبعث ظنه مشاهدته أبيهم آدم ؛ إذْ أصغى إلى وسوسته ، فقاس الفرع وهم النسل والذرية على الأصل . أو قاس الولد على الولد . وقيل : أدرك إبليس ما رُكِّب في بني آدم من الشهوة والغضب وهما مبعث الشرور .

قوله : { فَاتَّبَعُوهُ إِلاّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } المراد بالمتبعين سبأ أو بنو آدم فقد اتبعوا إبليس فيما أمرهم به من الشرك والمعاصي ومجانبة الحق والصواب . واستثنى فريقا من عباده لم يتبعوا إبليس في إغوائه ، وهم المؤمنون . واستثناؤهم دليل قلتهم بالنسبة للكثرة الكاثرة من المشركين المكذبين .


[3806]:الدر المصون ج 9 ص 176