ولما كان المعنى : آيات في أن تخالفوا إبليس فلا تصدقوا ظنه في احتناكهم حيث قال :{ لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلاً }{[56757]}[ الإسراء : 62 ] قال مؤكداً لإنكار كل أحد أن يكون صدق ظن إبليس فيه : { ولقد } أي كان في ذلك{[56758]} آيات مانعة من اتباع الشيطان والحال أنه قد { صدق } . ولما كان في استغوائهم غالباً لهم في إركابهم{[56759]} ما تشهد عقولهم بأنه ضلال ، أشار إلى ذلك بأداة الاستعلاء فقال : { عليهم } أي على ذرية{[56760]} آدم عليه السلام .
ولما كان في سياق الإثبات{[56761]} لعظمة الله وما عنده من الخير وما له من التصرف التام الداعي ذلك إلى الإقبال إليه وقصر الهمم عليه ، عبر بقوله تعالى { إبليس } الذي هو من البلس{[56762]} وهو ما لا خير عنده - والإبلاس - وهو اليأس من كل خير - ليكون ذلك أعظم في التبكيت والتوبيخ { ظنه } أي في قوله :
{ لأحتنكن ذريته إلا قليلاً }[ الإسراء : 62 ] { ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك }[ الحجر : 39 ]
{ ولا تجد أكثرهم شاكرين }[ الأعراف : 17 ] فكأنه لما قال ذلك على سبيل الظن تقاضاه ظنه الصدق فصدقه{[56763]} في إعمال الحيلة حتى كان ذلك الظن - هذا على قراءة الجماعة بالتخفيف ، وأما على قراءة الكوفيين بالتشديد{[56764]} فالمعنى أنه جعل ظنه الذي كان يمكن تكذيبه فيه قبل التحقق صادقاً ، بحيث لا يمكن أحداً تكذيبه فيه ، ولذلك سبب {[56765]}سبحانه عنه{[56766]} قوله : { فاتبعوه } أي بغاية الجهد بميل الطبع والاستلذاذ الموجب للنزوع والترامي بعضهم في الكفران وبعضهم في مطلق العصيان .
ولما كان المحدث عنهم جميع الناس ، عرف به الاستثناء المعرف لقلة{[56767]} الناجين فقال : { إلا فريقاً } أي{[56768]} ناساً لهم القدرة على تفريق كلمة أهل الكفر وفض جمعهم وإن كانوا بالنسبة إليهم كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود { من المؤمنين * } أي العريقين في الإيمان ، فكانوا خالصين لله مخلصين في عبادته ، وأما غيرهم فمالوا معه ، وكان منهم المقل ومنهم المكثر بالهفوات والزلات{[56769]} الصغائر والكبائر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.