{ 3 - 5 } { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ * لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ }
لما بين تعالى ، عظمته ، بما وصف به نفسه ، وكان هذا موجبا لتعظيمه وتقديسه ، والإيمان به ، ذكر أن من أصناف الناس ، طائفة لم تقدر ربها حق قدره ، ولم تعظمه حق عظمته ، بل كفروا به ، وأنكروا قدرته على إعادة الأموات ، وقيام الساعة ، وعارضوا بذلك رسله فقال : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } أي باللّه وبرسله ، وبما جاءوا به ، فقالوا بسبب كفرهم : { لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ } أي : ما هي ، إلا هذه الحياة الدنيا ، نموت ونحيا . فأمر اللّه رسوله أن يرد قولهم ويبطله ، ويقسم على البعث ، وأنه سيأتيهم ، واستدل على ذلك بدليل من أقرَّ به ، لزمه أن يصدق بالبعث ضرورة ، وهو علمه تعالى الواسع العام فقال : { عَالِمِ الْغَيْبِ } أي : الأمور الغائبة عن أبصارنا ، وعن علمنا ، فكيف بالشهادة ؟ " .
ثم أكد علمه فقال : { لَا يَعْزُبُ } أي : لا يغيب عن علمه { مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ } أي : جميع الأشياء بذواتها وأجزائها ، حتى أصغر ما يكون من الأجزاء ، وهو المثاقيل منها .
{ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } أي : قد أحاط به علمه ، وجرى به قلمه ، وتضمنه الكتاب المبين ، الذي هو اللوح المحفوظ ، فالذي لا يخفى عن علمه مثقال الذرة فما دونه ، في جميع الأوقات ، ويعلم{[732]} ما تنقص الأرض من الأموات ، وما يبقى من أجسادهم ، قادر على بعثهم من باب أولى ، وليس بعثهم بأعجب من هذا العلم المحيط .
روي أن قائل هذه المقالة هو أبو سفيان بن حرب ، وقال اللات والعزى ما ثم ساعة تأتي ولا قيامة ولا حشر فأمر الله تعالى نبيه أن يقسم بربه مقابلة لقسم أبي سفيان قبل رداً وتكذيباً وإيجاباً لما نفاه وأجاز نافع الوقف على { بلى } وقرأ الجمهور «لتأتينكم » بالتاء من فوق ، وحكى أبو حاتم قراءة «ليأتينكم » بالياء على المعنى في البعث .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بخلاف «عالمِ » بالخفض على البدل من { ربي } ، وقرأ نافع وابن عامر «عالمُ » بالرفع على القطع ، أي هو عالم ، ويصح أن يكون «عالم » رفع بالابتداء وخبره { لا يعزب } وما بعده ، ويكون الإخبار بأن العالم لا يعزب عنه شيء إشارة إلى أنه قد قدر وقتها وعلمه والوجه الأول أقرب ، وقرأ حمزة والكسائي «علامِ » على المبالغة وبالخفض على البدل{[9598]} و { يعزب } معناه يغيب ويبعد ، وبه فسر مجاهد وقتادة ، وقرأ جمهور القراء «لا يعزُب » بضم الزاي ، وقرأ الكسائي وابن وثاب «لا يعزب » بكسرها وهما لغتان ، و { مثقال ذرة } معناه مقدار الذرة ، وهذا في الأجرام بين وفي المعاني بالمقايسة وقرأ الجمهور «ولا أصغرُ ولا أكبر » عطفاً على قوله { مثقال } وقرأ نافع والأعمش وقتادة «أصغرَ وأكبرَ » بالنصب عطفاً على { ذرة } ورويت عن أبي عمرو{[9599]} ، وفي قوله تعالى : { إلا في كتاب مبين } ضمير تقديره إلا هو في كتاب مبين ، والكتاب المبين هو اللوح المحفوظ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.