مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَأۡتِينَا ٱلسَّاعَةُۖ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأۡتِيَنَّكُمۡ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِۖ لَا يَعۡزُبُ عَنۡهُ مِثۡقَالُ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَآ أَصۡغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرُ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ} (3)

{ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ } أي منكرو البعث { لاَ تَأْتِينَا الساعة } نفي للبعث وإنكار لمجيء الساعة { قُلْ بلى } أوجب ما بعد النفي ب «بلى » على معنى أن ليس الأمر إلا إتيانها { وَرَبّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ } ثم أعيد إيجابه مؤكداً بما هو الغاية في التوكيد والتشديد وهو التوكيد باليمين بالله عز وجل ، ثم أمد التوكيد القسمى بما اتبع المقسم به من الوصف بقوله { عالم الغيب } لأن عظمة حال المقسم به تؤذن بقوة حال المقسم عليه وبشدة ثباته واستقامته لأنه بمنزلة الاستشهاد على الأمر ، وكلما كان المستشهد به أرفع منزلة كانت الشهادة أقوى وآكد والمستشهد عليه أثبت وأرسخ ، ولما كان قيام الساعة من مشاهير الغيوب وأدخلها في الخفية كان الوصف بما يرجع إلى علم الغيب أولى وأحق . { عالم الغيب } مدني وشامي أي هو عالم الغيب { علامِ الغيب } حمزة وعلي على المبالغة { لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ } وبكسر الزاي : عليّ . يقال : عزب يعزب ويعزب إذا غاب وبعد { مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } مقدار أصغر نملة { فِى السماوات وَلاَ فِى الأرض وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ } من مثقال ذرة { وَلا أَكْبَرُ } من مثقال ذرة { إِلاَّ فِى كتاب مُّبِينٍ } إلا في اللوح المحفوظ ، { وَلاَ أَصْغَرُ وَلا أَكْبَرُ } بالرفع عطف على { مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } ويكون «إلا » بمعنى لكن ، أو رفعاً بالابتداء والخبر { فِى كتاب }