ثم بين تعالى أن هذه النعمة التي يستحق الله تعالى بها الحمد وهي نعمة الآخرة أنكرها قوم فقال : { وقال الذين كفروا } أي : ستروا ما دلتهم عليه عقولهم من براهينها الظاهرة { لا تأتينا الساعة } أي : أنكروا مجيئها أو استظهارها استهزاء بالوعد به ، وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل } أي : لهم { بلى } رد لكلامهم وإيثار لما نفوه { وربي } أي : المحسن إلي بما عمني به معكم وبما خصني من تنبيئي وإرسالي إليكم إلى غير ذلك من أمور لا يحصيها إلا هو { لتأتينكم } أي : الساعة لتظهر فيها ظهوراً تاماً الحكمة بالعدل والفصل وغير ذلك من عجائب الحكم والفضل وقوله تعالى { عالم الغيب } قرأه نافع وابن عامر برفع الميم على هو عالم الغيب ، أو مبتدأ وخبره ما بعده ، وابن كثير وأبو عمرو وعاصم بجره نعتاً لربي وقرأ حمزة والكسائي بعد العين بلام ألف مشددة وخفض الميم { لا يعزب } أي : لا يغيب { عنه مثقال } أي : وزن { ذرة } أي : من ذات ولا معنى ، والذرة : النملة الحمراء الصغيرة جداً صارت مثلاً في أقل القليل فهي كناية عنه ، وقرأ الكسائي بكسر الزاي والباقون بضمها .
وقوله تعالى { في السماوات ولا في الأرض } فيه لطيفة وهي أن الإنسان له جسم وروح فالأجسام أجزاؤها في الأرض والأرواح في السماء فقوله تعالى { في السماوات } إشارة إلى علمه بالأرواح وما فيها من الملائكة وغيرهم . وقوله تعالى { ولا في الأرض } إشارة إلى علمه بالأجسام وما في الأرض من غيرها ، فإذا علم الأرواح والأجسام قدر على جمعهما فلا استبعاد في الإعادة . وقوله تعالى : { ولا أصغر } أي : ولا يكون شيء أصغر { من ذلك } أي : المثقال { ولا أكبر } أي : منه { إلا في كتاب مبين } أي : بين هو اللوح المحفوظ جملة مؤكدة لنفي العزوب .
فإن قيل : فأي حاجة إلى ذكر الأكبر فإن من علم الأصغر من الذرة لا بد وأن يعلم الأكبر ؟ أجيب : بأنه تعالى أراد بيان إثبات الأمور في الكتاب فلو اقتصر على الأصغر لتوهم متوهم أنه يثبت الصغار لكونها محل النسيان ، وأما الأكبر فلا ينسى فلا حاجة إلى إثباته فقال : الإثبات في الكتاب ليس كذلك فإن الأكبر أيضاً مكتوب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.