{ 51 } { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا }
وهذا أيضًا من توسعة اللّه على رسوله ورحمته به ، أن أباح له ترك القسم بين زوجاته ، على وجه الوجوب ، وأنه إن فعل ذلك ، فهو تبرع منه ، ومع ذلك ، فقد كان صلى اللّه عليه وسلم يجتهد في القسم بينهن في كل شيء ، ويقول " اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما لا أملك " .
فقال هنا : { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ } [ أي : تؤخر من أردت من زوجاتك فلا تؤويها إليك ، ولا تبيت عندها ]{[717]} { وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ } أي : تضمها وتبيت عندها .
{ و } مع ذلك لا يتعين هذا الأمر { مَنِ ابْتَغَيْتَ } أي : أن تؤويها { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ } والمعنى أن الخيرة بيدك في ذلك كله [ وقال كثير من المفسرين : إن هذا خاص بالواهبات ، له أن يرجي من يشاء ، ويؤوي من يشاء ، أي : إن شاء قبل من وهبت نفسها له ، وإن شاء لم يقبلها ، واللّه أعلم ]{[718]}
ثم بين الحكمة في ذلك فقال : { ذَلِكَ } أي : التوسعة عليك ، وكون الأمر راجعًا إليك وبيدك ، وكون ما جاء منك إليهن تبرعًا منك { أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ } لعلمهن أنك لم تترك واجبًا ، ولم تفرط في حق لازم .
{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ } أي : ما يعرض لها عند أداء الحقوق الواجبة والمستحبة ، وعند المزاحمة في الحقوق ، فلذلك شرع لك التوسعة يا رسول اللّه ، لتطمئن قلوب زوجاتك .
{ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } أي : واسع العلم ، كثير الحلم . ومن علمه ، أن شرع لكم ما هو أصلح لأموركم ، وأكثر لأجوركم . ومن حلمه ، أن لم يعاقبكم بما صدر منكم ، وما أصرت عليه قلوبكم من الشر .
{ ترجي من تشاء منهن } تؤخرها وتترك مضاجعتها . { وتؤوي إليك من تشاء } وتضم إليك من تشاء وتضاجعها ، أو تطلق من تشاء وتمسك من تشاء . وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص " ترجي " بالياء والمعنى واحد . { ومن ابتغيت } طلبت . { ممن عزلت } طلقت بالرجعة . { فلا جناح عليك } في شيء من ذلك . { ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن } ذلك التفويض إلى مشيئتك اقرب إلى قرة عيونهن وقلة حزنهن ورضاهن جميعا ، لأن حكم كلهن فيه سواء ، ثم إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلا منك وإن رجحت بعضهن علمن انه بحكم الله تعالى فتطمئن به نفوسهم ، وقرئ " تقر " بضم التاء و " أعينهن " بالنصب و " تقر " بالبناء للمفعول و " كلهن " تأكيد نون { يرضين } ، وقرئ بالنصب تأكيدا لهن . { والله يعلم ما في قلوبكم } فاجتهدوا في إحسانه . { وكان الله عليما } بذات الصدور . { حليما } لا يعاجل بالعقوبة فهو حقيق بأن يتقى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.