الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞تُرۡجِي مَن تَشَآءُ مِنۡهُنَّ وَتُـٔۡوِيٓ إِلَيۡكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ ٱبۡتَغَيۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكَۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن تَقَرَّ أَعۡيُنُهُنَّ وَلَا يَحۡزَنَّ وَيَرۡضَيۡنَ بِمَآ ءَاتَيۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمٗا} (51)

أخرج ابن جرير عن ابن عباس { ترجي من تشاء } يقول : تؤخر .

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { ترجي من تشاء منهن } قال : أمهات المؤمنين { وتؤوي } يعني نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعني بالأرجاء يقول : من شئت خليت سبيله منهن ، ويعني بالإيواء يقول : من أحببت أمسكت منهن . وقوله { ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن } يعني بذلك النساء اللاتي أحلهن الله له من بنات العمة ، والخال ، والخالة ، وقوله { اللاتي هاجرن معك } يقول : إن مات من نسائك التي عندك أحد ، أو خليت سبيلها ، فقد أحللت لك مكان من مات من نسائك اللاتي كن عندك ، أو خليت سبيلها ، فقد أحللت لك أن تستبدل من اللاتي أحللت لك ، ولا يصلح لك أن تزاد على عدة نسائك اللاتي عندك شيئاً .

وأخرج ابن مردويه عن مجاهد قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة فخشينا أن يطلقهن فقلن : يا رسول الله اقسم لنا من نفسك ومالك ما شئت ، ولا تطلقنا فأنزل الله { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } إلى آخر الآية . قال : وكان المؤويات خمسة : عائشة . وحفصة . وأم سلمة . وزينب . وأم حبيبة . والمرجآت أربعة : جويرية . وميمونة . وسودة . وصفية .

وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن المسيب عن خولة بنت حكيم قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوّجها فأرجأها فيمن أرجا من نسائه .

وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عليه في قسم أزواجه ، يقسم بينهن كيف شاء ، وذلك قوله الله { ذلك أدنى أن تقر أعينهن } إذا علمن أن ذلك من الله .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف شاء ، فلذلك قال الله { ذلك أدنى أن تقر أعينهن } إذا علمن أن ذلك من الله .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعاً عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف شاء ، فلذلك قال الله { ذلك أدنى أن تقر أعينهن } إذا علمن أن ذلك من الله .

وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي . أن امرأة من الأنصار وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت فيمن ارجئ .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة ، لم يكن لرجل أن يخطبها حتى يتزوّجها أو يتركها .

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير عن الحسن وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة قالت : كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول : كيف تهب نفسها ؟ فلما أنزل الله { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك } قلت : ما أرى ربك ألا يسارع في هواك .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل ! فأنزل الله في نساء النبي صلى الله عليه وسلم { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } فقال عائشة رضي الله عنها : أرى ربك يسارع في هواك .

وأخرج ابن سعد عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما نزلت { ترجي من تشاء منهن } قلت : إن الله يسارع لك فيما تريد .

وأخرج ابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن الشعبي رضي الله عنه قال : كن نساء وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل ببعضهن وأرجأ بعضهن ، فلم يقربن حتى توفي ، ولم ينكحن بعده . منهن أم شريك فذلك قوله { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } .

وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي زيد رضي الله عنه قال : همَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق من نسائه ، فلما رأين ذلك أتينه فقلن : لا تخل سبيلنا وأنت في حل فيما بيننا وبينك ، افرض لنا من نفسك ومالك ما شئت ، فأنزل الله { ترجي من تشاء منهن } نسوة . يقول : تعزل من تشاء فأرجأ منهن وأوى نسوة ، وكان ممن أرجئ ميمونة . وجويرية . وأم حبيبة . وصفية . وسودة . وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما شاء ، وكان ممن آوى عائشة . وحفصة . وأم سلمة . وزينب . فكانت قسمته من نفسه وماله بينهن سواء .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب رضي الله عنه في قوله { ترجي من تشاء } قال : هذا أمر جعله الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في تأديبه نساءه ، لكي يكون ذلك أقر لأعينهن ، وأرضى في عيشتهن ، ولم نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أرجأ منهن شيئاً ، ولا عزله بعد أن خيرهن فاخترنه .

وأخرج ابن سعد عن ثعلبة بن مالك رضي الله عنه قال : هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق بعض نسائه ، فجعلنه في حل فنزلت { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } .

وأخرج الفريابي وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { ترجي من تشاء منهن } قال : تعتزل من تشاء منهن لا تأتيه بغير طلاق { وتؤوي إليك من تشاء } قال : ترده إليك { ومن ابتغيت ممن عزلت } أن تؤويه إليك إن شئت .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما { ترجي } قال : تؤخر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يطلق ، كان يعتزل .

وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذه الآية { ترجي من تشاء منهن } فقلت لها : ما كنت تقولين ؟ قالت : كنت أقول له : إن ذاك إلي فإني لا أريد أن أوثر عليك أحداً .