ثم قال تعالى : { ترجي من تشاء منهم } أي : تؤخر يا محمد من تشاء من أزواجك وتضم من تشاء .
يقال : أرجأت الأمر : أخرته ومن ترك الهمزة{[55630]} في " ترجي " فيحتمل أن يكون أبدل من الهمزة ثم أسكنها استثقالا للضمة .
وقيل : هي لغة ، يقال : أرجيت بمعنى أرجأت{[55631]} كما يقال قريت . . . بمعنى قرأت{[55632]} .
وقال المبرد : هو من رجا يرجو ، يقال : رجاء وأرجيته إذا جعلته يرجو{[55633]} .
قال مجاهد في معنى الآية : تعزل يا محمد بغير طلاق من أزواجك من تشاء وتؤوي إليك من تشاء أي تردها إليك{[55634]} .
قال قتادة : جعله الله في حل من ذلك أن يدع من يشاء منهن بغير قسم وكان صلى الله عليه يقسم{[55635]} .
وقال أبو رزين{[55636]} : لما أشفق النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلقهن ، قلن يا رسول الله : اجعل لنا في مالك ونفسك ما شئت فكان ممن أرجأ منهن سودة بنت زمعة وجويرية وصفية وأم حبيبة وميمونة ، وكان ممن أوى عائشة وأم سلمة وحفصة وزينب{[55637]} . فالمعنى على هذا القول أنه صلى الله عليه أخر هؤلاء فلم يقسم لهن ولم يطلقهن ، وضم هؤلاء فقسم لهن ، وهو قول الضحاك{[55638]} .
وعن ابن عباس أن المعنى من شئت خليت سبيله منهن ومن شئت أمسكت منهن{[55639]} .
وقال الحسن : المعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب امرأة لم يكن لرجل أن يخطبهاحتى يتركها أو يتزوجها{[55640]} .
فالمعنى : اترك نكاح من شئت من أمتك وانكح من شئت .
وقال ابن زيد في ذلك كلاما معناه : إن الله جل ذكره أمر نبيه أن يخير نساءه بين الدنيا والآخرة في قوله : { قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا } إلى قوله : { أجرا عظيما }{[55641]} فلما اخترن الآخرة واخترنه أبيح له أن يعزل من شاء منهن فلا يقسم لها ، ويضم من شاء فيقسم لها ، ومن ابتغى ممن عزل عن نفسه ، فله أن يرجع ويقسم لها ، فخيرهن أيضا في الرضى بهذا أو يفارقهن فرضين بذلك إلا امرأة بدوية ذهبت{[55642]} .
فقال الله جل ذكره : { ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن } أي : أن يسكن ولا يغرن ويرضين كلهن بما فعلت من ضم أو عزل ، إذ ذلك كله من حكم الله لك فيهن ، وذلك إشارة إلى ما تقدم مما أباحه الله لرسوله عليه السلام فيهن .
قال قتادة : ومن ابتغيت " أي : لك أن تأتي من شئت منهم لا إثم عليك في ذلك ، وهو قول الحسن .
وقال ابن عباس{[55643]} : معناه من مات من نسائك اللواتي عندك ، أو خليت سبيله فلا إثم عليك في أن تستبدل عوضها من اللاتي أحللت لك ، ولا يحل أن تزداد على عدة نسائك اللاتي عندك شيئا .
قال الزجاج : معناه إن أردت أن تؤوي إليك من عزلت فلا جناح عليك{[55644]} .
وهو قول الأول بعينه وهو أحسنها إن شاء الله تعالى .
ثم قال تعالى : { والله يعلم ما في قلوبكم } أي : من ميلكم إلى بعض من عندكم النساء دون بعض بالهوى والمحبة فلذلك وضع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرج في ذلك لأن القلب لا يملك والهوى سلطان غائب عن الإنسان .
ثم قال : { وكان/الله عليما } أي : ذا علم بأعمالكم وغيرها . { حليما } أي : ذا حلم عن عباده أن يعاجل أهل الذنوب بالعقوبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.