تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞تُرۡجِي مَن تَشَآءُ مِنۡهُنَّ وَتُـٔۡوِيٓ إِلَيۡكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ ٱبۡتَغَيۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكَۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن تَقَرَّ أَعۡيُنُهُنَّ وَلَا يَحۡزَنَّ وَيَرۡضَيۡنَ بِمَآ ءَاتَيۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمٗا} (51)

الآية 51 وقوله تعالى : { ترجى من تشاء منهن وتأوي إليك من تشاء } اختلف فيه :

عن الحسن [ أنه ]( {[16747]} ) قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ، إذا خطب امرأة لم يكن لأحد أن يخطبها حتى يدعها النبي( {[16748]} ) ، وإذا ترك خطبتها كان لغيره أن يخطبها ، أو كلام نحوه . فيصرف تأويل الآية إلى ما ذكرنا . وكذلك كان يقول قتادة : إن الآية في الخطبة .

وقال بعضهم : هذا في قسمة الأيام بينهن ؛ كان يسوي بينهن بقسمهن( {[16749]} ) ، فوسع الله عليه في ذلك ، فأحل له ، فقال : { ترجي من تشاء منهن } أي من نسائه ، أي تترك من تشاء منهن ، فلا تأتيها { وتأوي إليك من تشاء } فتأتيها { ومن ابتغيت ممن عزلت } يقول : ممن اخترت من نسائك أن تأتيها ، فعلت .

فقال : { ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن } على ترك القسم إذا علمن أن الله قد جعل ذلك حلالا ، وأنزل فيهن الآية { ويرضين بما آتيتهن كلهن } إذا علمن أن الرخصة جاءت من الله تعالى له ، كان [ ذلك ]( {[16750]} ) أطيب لأنفسهن وأقل لحزنهن من تركه( {[16751]} ) .

وقال بعضهم : إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اللائي كن تحته خشين أن يطلقهن ، فقلن : يا رسول الله أقسم لنا من نفسك ومالك ما شئت ، ولا تطلقنا . فنزل : { ترجي من تشاء منهن } أي تعتزل { من تشاء منهن } أن تعتزلها( {[16752]} ) بغير طلاق { وتأوي إليك } أي ترد ، وتضم { من تشاء } منهن إليك { فلا جناح عليك } .

وقال بعضهم : الآية في ترك نكاح ما أباح له من القرابات { من تشاء منهن } الإقدام على نكاح من يشاء ما أباح له من القرابات { من تشاء منهن } وفي الإقدام على نكاح { من تشاء منهن } لأنه على إثر ذلك ذكرن : يقول : /430-ب/ { ترجي من تشاء منهن } يعني من بنات العم والعمة والخال والخالة ، فلا تتزوجها { وتأوي إليك } أي تضم إليك { من تشاء } منهن ، فتتزوجها( {[16753]} ) .

فنقول : خير الله ورسوله في نكاح القرابة ؛ فذلك قوله : { ومن ابتغيت ممن } فتزوجها { ممن عزلت } منهن { فلا جناح عليك } أي لا حرج عليك في ذلك { ذلك أدنى } يقول : أجدر وأحرى { أن تقر أعينهن } أي النساء اللاتي عندك ، واخترتهن { ولا يحزن } إذا علمن [ أنك ]( {[16754]} ) لا تتزوج عليهن { ويرضين بما آتيتهن كلهن } من النفقة ، وكان في نفقتهن قلة .

وجائز أن يكون قوله : { ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن } ذلك حين خيرهن رسول الله بين اختيار الدنيا وزينتها وبين اختيار رسول الله والدار الآخرة ، فاخترن رسول الله ؛ يقول ، والله أعلم : إذا اخترن المقام عند رسول الله والدار الآخرة فذلك( {[16755]} ) { ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن } من قلة النفقة والجماع { ويرضين بما أتيتهن كلهن } من النفقة وغيره { والله يعلم ما في قلوبكم } من النفقة والرضا { وكان الله عليما حليما } .


[16747]:ساقطة من الأصل وم.
[16748]:أدرج بعدها في الأصل وم: أو يتزوجها.
[16749]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: قسمين.
[16750]:ساقطة من الأصل وم.
[16751]:في الأصل وم: ترك ذلك.
[16752]:في الأصل وم: تعتزلن.
[16753]:في الأصل وم: فتزوجها.
[16754]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: إن.
[16755]:الفاء ساقطة من الأصل وم.