بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞تُرۡجِي مَن تَشَآءُ مِنۡهُنَّ وَتُـٔۡوِيٓ إِلَيۡكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ ٱبۡتَغَيۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكَۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن تَقَرَّ أَعۡيُنُهُنَّ وَلَا يَحۡزَنَّ وَيَرۡضَيۡنَ بِمَآ ءَاتَيۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمٗا} (51)

قوله عز وجل : { تُرْجِى مَن تَشَاء مِنْهُنَّ } قرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر وأبو بكر عن عاصم : { ترجئ } بالهمزة ، وقرأ الباقون : بغير الهمز ، كلاهما في اللغة واحد ، وأصله من التأخير . يقول : تؤخر من تشاء منهن ولا تتزوجها { وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء } يعني : تضم فتتزوجها ، فخيره في تزويج القرابة . ويقال : تطلق من تشاء منهن ، وتمسك من تشاء .

وقال قتادة : جعله في حل أن يدع من يشاء منهن ، ويضم إليه من يشاء ، يعني : إن شاء جعل لهن قسماً ، وإن شاء لم يجعل ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم . وقال الحسن : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة فليس لأحد أن يخطبها حتى يتزوجها أو يدعها ، وفي ذلك نزل : { تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ } .

ثم قال : { وَمَنِ ابتغيت } يعني : آثرت { مِمَّنْ عَزَلْتَ } يعني : تركت { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ } يعني : لا إثم عليك { ذَلِكَ أدنى } يعني : ذلك أحرى وأجدر إذا علمن أنك تفعل بأمر الله { أن تقر أعينهن } يعني : قلوبهن { وَلاَ يَحْزَنَّ } مخافة الطلاق { وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ } يعني : أعطيتهن { كلهن } من النفقة ، إذا علمن أنه من الله عز وجل . وقرئ في الشاذ : { كُلُّهُنَّ } بالنصب ، صار نصباً لوقوع الفعل عليه وهو الإعطاء . وتقرأه العامة : { أتيتهن كُلُّهُنَّ } بالضم . ومعناه : يرضين كلهن بما أعطيتهن .

ثم قال : { والله يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ } من الحب والبغض { وَكَانَ الله عَلِيماً } بما في قلوبكم { حَلِيماً } بالتجاوز .