غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞تُرۡجِي مَن تَشَآءُ مِنۡهُنَّ وَتُـٔۡوِيٓ إِلَيۡكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ ٱبۡتَغَيۡتَ مِمَّنۡ عَزَلۡتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكَۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن تَقَرَّ أَعۡيُنُهُنَّ وَلَا يَحۡزَنَّ وَيَرۡضَيۡنَ بِمَآ ءَاتَيۡتَهُنَّ كُلُّهُنَّۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمٗا} (51)

ثم بيّن أنه أحل له وجوه المعاشرة بهن من غير إيجاب قسم بينهنّ ، لأنه صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى أمته كالسيد المطاع فزوجاته كالمملوكات فلا قسم لهن . والإرجاء التأخير ، والإيواء الضم وهما خبران في معنى الأمر . { ومن ابتغيت ممن عزلت } يعني إذا طلبت من كنت تركتها { فلا جناح عليك } في شيء من ذلك وهذه قسمة جامعة للغرض لأنه إما أن يطلق وإما أن يمسك ، وإذا أمسك ضاجع أو ترك ، وإذا ضاجع قسم أو لم يقسم ، وإذا طلق أو عزل فإما أن يترك المعزولة أو يبتغيها .

يروى أنه أرجأ منهن سودة وجويرية وصفية وميمونة وأم حبيبة وكان يقسم لهنّ ما شاء كما شاء ، وكانت ممن آوى إليه عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب . وروي أنه كان يسوّي مع ما خير فيه إلاّ سودة فإنها وهبت ليلتها لعائشة وقالت : لا تطلقني حتى أحشر في زمرة نسائك . وقيل : أراد تترك تزوّج من شئت من نساء أمتك وتتزوّج من شئت . وعن الحسن : وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة لم يكن لأحد أن يخطبها حتى يدعها . ومن قال : إن القسم كان واجباً مع أنه ضعيف بالنسبة إلى مفهوم الآية قال : المراد تؤخرهن إن شئت إذ لا يجب القسم في الأول ، وللزوج أن لا ينام عند أحد منهن { ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك } في ذلك فابدأ بمن شئت وتمم الدور والأول أقوى . ثم قال { ذلك } التفويض إلى مشيئتك { أدنى } إلى قرّة عيونهن وقلة حزنهن وإلى رضاهّن جميعاً لأنه إذا لم يجب عليه القسم . ثم إنه يقسم بينهن حملهن ذلك على تلطفه وتخلصه . وفي قوله { والله يعلم ما في قلوبكم } وعيد لمن يرض منهن بما دبر الله له { وكان الله عليما } بذات الصدور { حليماً } مع ذلك لا يعاجل بالعقوبة فتحاً لباب التوبة . وقوله { كلهن } بالرفع تأكيد لنون يرضين ، وقرئ بالنصب تأكيداً لضمير المفعول في { آتيتهن } .

/خ73