تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبۡدِلَهُۥٓ أَزۡوَٰجًا خَيۡرٗا مِّنكُنَّ مُسۡلِمَٰتٖ مُّؤۡمِنَٰتٖ قَٰنِتَٰتٖ تَـٰٓئِبَٰتٍ عَٰبِدَٰتٖ سَـٰٓئِحَٰتٖ ثَيِّبَٰتٖ وَأَبۡكَارٗا} (5)

ثم خوفهما أيضا ، بحالة تشق على النساء غاية المشقة ، وهو الطلاق ، الذي هو أكبر شيء عليهن ، فقال :

{ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ } أي : فلا ترفعن عليه ، فإنه لو طلقكن ، لم يضق{[1161]}  عليه الأمر ، ولم يكن مضطرًا إليكن ، فإنه سيلقى{[1162]}  ويبدله الله أزواجًا خيرًا منكن ، دينا وجمالًا ، وهذا من باب التعليق الذي لم يوجد ، ولا يلزم وجوده ، فإنه ما طلقهن ، ولو طلقهن ، لكان ما ذكره الله من هذه الأزواج الفاضلات ، الجامعات بين الإسلام ، وهو القيام بالشرائع الظاهرة ، والإيمان ، وهو : القيام بالشرائع الباطنة ، من العقائد وأعمال القلوب .

القنوت هو دوام الطاعة واستمرارها { تَائِبَاتٍ } عما يكرهه الله ، فوصفهن بالقيام بما يحبه الله ، والتوبة عما يكرهه الله ، { ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا } أي : بعضهن ثيب ، وبعضهن أبكار ، ليتنوع صلى الله عليه وسلم ، فيما يحب ، فلما سمعن -رضي الله عنهن- هذا التخويف والتأديب ، بادرن إلى رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان هذا الوصف منطبقًا عليهن ، فصرن أفضل نساء المؤمنين ، وفي هذا دليل على أن الله لا يختار لرسوله صلى الله عليه وسلم إلا أكمل الأحوال وأعلى الأمور ، فلما اختار الله لرسوله بقاء نسائه المذكورات معه دل على أنهن خير النساء وأكملهن .


[1161]:- في ب: لا يضيق.
[1162]:- في ب: سيجد.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبۡدِلَهُۥٓ أَزۡوَٰجًا خَيۡرٗا مِّنكُنَّ مُسۡلِمَٰتٖ مُّؤۡمِنَٰتٖ قَٰنِتَٰتٖ تَـٰٓئِبَٰتٍ عَٰبِدَٰتٖ سَـٰٓئِحَٰتٖ ثَيِّبَٰتٖ وَأَبۡكَارٗا} (5)

{ عسى ربه إن طلقكن } الآية ، نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وروي أن عمر قال : ذلك ونزل القرآن بموافقته ولقد قال عمر حينئذ للنبي صلى الله عليه وسلم : " والله يا رسول الله لئن أمرتني بضرب عنق حفصة لضربت عنقها " ، وقد ذكرنا معنى الإسلام والإيمان والقنوت ، والسائحات معناه الصائمات قاله ابن عباس وقد روي : عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : معناه مهاجرات وقيل : ذاهبات إلى الله لأن أصل السياحة الذهاب في الأرض وقوله : { ثيبات وأبكارا } ، قال بعضهم : المراد بالأبكار هنا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون فإن الله يزوج النبي صلى الله عليه وسلم إياهما في الجنة وهذا يفتقر إلى نقل صحيح ودخلت الواو هنا للتقسيم ولو سقطت لاختل المعنى لأن الثيوبة والبكارة لا يجتمعان ، وقال الكوفيون : هي واو الثمانية وذلك ضعيف .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبۡدِلَهُۥٓ أَزۡوَٰجًا خَيۡرٗا مِّنكُنَّ مُسۡلِمَٰتٖ مُّؤۡمِنَٰتٖ قَٰنِتَٰتٖ تَـٰٓئِبَٰتٍ عَٰبِدَٰتٖ سَـٰٓئِحَٰتٖ ثَيِّبَٰتٖ وَأَبۡكَارٗا} (5)

قوله : { عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا } وهذا وعد من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم – وفيه تخويف لنسائه – بأنه لو طلقهن فإنه مزوّجه في الدنيا نساء خيرا منهن { مسلمات } وذلك وصف للأزواج اللواتي هن خير من نسائه فهن { مسلمات } . أي ممتثلات أمره وأمر رسوله { مؤمنات } أي مخلصات موقنات مصدقات بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبقضاء الله وقدره { قانتات } أي طائعات ، من القنوت وهي الطاعة { تائبات } أي منيبات إلى الله تائبات من الذنوب { عابدات } أي يكثرن العبادة لله بدوام ذكره وتوحيده والعمل بأوامره { سائحات } أي صائمات { ثيبات وأبكار } ثيبات ، جمع ثيب ، وهي المرأة المدخول بها ، وأبكارا جمع بكر وهي العذراء {[4576]} .


[4576]:تفسير القرطبي جـ 18 ص 177 –189 وفتح القدير جـ 5 ص 251، والكشاف جـ 4 ص 126، 127.