الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبۡدِلَهُۥٓ أَزۡوَٰجًا خَيۡرٗا مِّنكُنَّ مُسۡلِمَٰتٖ مُّؤۡمِنَٰتٖ قَٰنِتَٰتٖ تَـٰٓئِبَٰتٍ عَٰبِدَٰتٖ سَـٰٓئِحَٰتٖ ثَيِّبَٰتٖ وَأَبۡكَارٗا} (5)

قرىء : «يبدله » ، بالتخفيف والتشديد للكثرة { مسلمات مؤمنات } مقرّات مخلصات { سائحات } صائمات . وقرىء : «سيحات » ، وهي أبلغ . وقيل للصائم : سائح ؛ لأنّ السائح لا زاد معه ، فلا يزال ممسكاً إلى أن يجد ما يطعمه ، فشبه به الصائم في إمساكه إلى أن يجيء وقت إفطاره . وقيل : سائحات مهاجرات ، وعن زيد بن أسلم : لم تكن في هذه الأمّة سياحة إلى الهجرة .

فإن قلت : كيف تكون المبدلات خيراً منهن ، ولم تكن على وجه الأرض نساء خير من أمّهات المؤمنين ؟ قلت : إذا طلقهن رسول الله لعصيانهن له وإيذائهن إياه ، لم يبقين على تلك الصفة ، وكان غيرهن من الموصوفات بهذه الأوصاف مع الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والنزول على هواه ورضاه خيراً منهن ، وقد عرض بذلك في قوله : { قانتات } لأنّ القنوت هو القيام بطاعة الله ، وطاعة الله في طاعة رسوله .

فإن قلت : لم أخليت الصفات كلها عن العاطف ووسط بين الثيبات والأبكار ؟ قلت : لأنهما صفتان متنافيتان لا يجتمعن فيهما اجتماعهن في سائر الصفات ، فلم يكن بدّ من الواو .