{ عسى ربك إن طلقكن أن يبد له أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا } .
{ عسى ربه إن طلقكن أن يبدله } بالتخفيف والتشديد سبعيتان ، أي يعطيه بدلكن { أزواجا خيرا } أي أفضل { منكن } وقد علم الله سبحانه أنه لا يطلقهن ، ولكن أخبر عن قدرته على أنه إن وقع منه الطلاق أبدله خيرا منهن تخويفا لهن ، وهو كقوله : { وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم } فإنه إخبار عن القدرة ، وتخويف لهم ، والممتنع بمقتضى الآية إنما هو تطليق الكل ، فلا ينافي أنه طلق واحدة ، وأنها لم تبدل ، لأن التبديل إنما هو للكل ، وإنما هو مرتب على تطليق الكل ، وفي الخطيب قيل : كل { عسى } في القرآن واجب الوقوع إلا هذه الآية ، وقيل : هي من الواجب أيضا ، ولكن الله علمه بشرط وهو التطليق للكل ، ولم يطلقهن وفي الكرخي ، قال ابن عرفة : عسى هنا للتخويف لا للوجوب .
ثم نعت سبحانه الأزواج بقوله : { مسلمات } أي قائمات بفرائض الإسلام إما نعت أو حال أو منصوب على الاختصاص وقال سعيد بن جبير مسلمات أي مخلصات مقرات ، وقيل : معناه مسلمات لأمر الله ورسوله { مؤمنات } أي مصدقات بالله وملائكته وكتبه ورسله ، والقدر خيره وشره { قانتات } مطيعات لله ، والقنوت الطاعة ، وقيل : مصليات بالليل ، وقيل : داعيات ، وقيل : طائعات .
{ تائبات } يعني كثيرات التوبة من الذنوب ، تاركات لها ، راجعات إلى الله وإلى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم عن الهفوات والزلات { عابدات } لله متذللات له قال الحسن وسعيد بن جبير : كثيرات العبادة { سائحات } أي صائمات قاله ابن عباس ، وقال زيد بن أسلم والحسن : مهاجرات ، وليس في أمة محمد صلى الله عليه وسلم سياحة إلا الهجرة ، قال ابن قتيبة والفراء وغيرهما : وسمي الصيام سياحة لأن السائح لا زاد معه ، وقيل : المعنى ذاهبات في طاعة الله من ساح الماء إذا ذهب ، وأصل السياحة الجولان في الأرض ، وقيل : يسحن معه حيث ساح وقد مضى الكلام على السياحة في سورة براءة .
{ ثيبات وأبكارا } أي بعضهن كذا وبعضهن كذا ووسط بينهما العاطف لتنافيهما دون سائر الصفات . والثيبات جمع ثيب لا ينقاس ، لأنه اسم جنس مؤنث ووزنها فيعل من ثاب يثوب أي رجع ، وهي المرأة التي قد تزوجت ثم ثابت عن زوجها فعادت كما كانت غير ذات زوج ، وقيل : لأنها ثابت إلى بيت أبويها وهذا صح : لأنه ليس كل ثيب تعود إلى زوجها ، والأبكار جمع بكر هي العذراء سميت بذلك لأنها على أول حالها التي خلقت عليها ، عن بريدة في الآية قال : وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن يزوجه بالثيب آسية امرأة فرعون وبالبكر مريم بنت عمران . ولا يقال : أي مدح في كونهن ثيبات لأن الثيب قد تمدح من جهة أنها أكثر تجربة وعقلا ، وأسرع حبلا غالبا ، والبكر تمدح من جهة أنها أطهر وأطيب وأكثر مداعبة وملاعبة غالبا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.