البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبۡدِلَهُۥٓ أَزۡوَٰجًا خَيۡرٗا مِّنكُنَّ مُسۡلِمَٰتٖ مُّؤۡمِنَٰتٖ قَٰنِتَٰتٖ تَـٰٓئِبَٰتٍ عَٰبِدَٰتٖ سَـٰٓئِحَٰتٖ ثَيِّبَٰتٖ وَأَبۡكَارٗا} (5)

4

وقرأ الجمهور : طلقكن بفتح القاف ، وأبو عمرو في رواية ابن عباس : بإدغامها في الكاف ، وتقدم ذكر الخلاف في { أن يبدله } في سورة الكهف ، والمتبدل به محذوف لدلالة المعنى عليه ، تقديره : أن يبدله خيراً منكن ، لأنهن إذا طلقهن كان طلاقهن لسوء عشرتهن ، واللواتي يبدلهن بهذه الأوصاف يكن خيراً منهن .

وبدأ في وصفهن بالإسلام ، وهو الانقياد ؛ ثم بالإيمان ، وهو التصديق ؛ ثم بالقنوت ، وهو الطواعية ؛ ثم بالتوبة ، وهي الإقلاع عن الذنب ؛ ثم بالعبادة ، وهي التلذذ ؛ ثم بالسياحة ، وهي كناية عن الصوم ، قاله أبو هريرة وابن عباس وقتادة والضحاك .

وقيل : إن الرسول صلى الله عليه وسلم فسره بذلك ، قاله أيضاً الحسن وابن جبير وزيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن .

قال الفراء والقتيبي : سمي الصائم سائحاً لأن السائح لا زاد معه ، وإنما يأكل من حيث يجد الطعام .

وقال زيد بن أسلم ويمان : مهاجرات .

وقال ابن زيد : ليس في الإسلام سياحة إلا الهجرة .

وقيل : ذاهبات في طاعة الله .

وقرأ الجمهور : سائحات ، وعمرو بن فائد : سيحات ، وهذه الصفات تجتمع ، وأما الثيوبة والبكارة فلا يجتمعان ، فلذلك عطف أحدهما على الآخر ، ولو لم يأت بالواو لاختل المعنى .

وذكر الجنسين لأن في أزواجه صلى الله عليه وسلم من تزوجها بكراً ، والثيب : الراجع بعد زوال العذرة ، يقال : ثابت تثوب ثووباً ، ووزنه فعيل كسيد .