فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{عَسَىٰ رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبۡدِلَهُۥٓ أَزۡوَٰجًا خَيۡرٗا مِّنكُنَّ مُسۡلِمَٰتٖ مُّؤۡمِنَٰتٖ قَٰنِتَٰتٖ تَـٰٓئِبَٰتٍ عَٰبِدَٰتٖ سَـٰٓئِحَٰتٖ ثَيِّبَٰتٖ وَأَبۡكَارٗا} (5)

{ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أزواجا خَيْراً مّنكُنَّ } أي يعطيه بدلكنّ أزواجاً أفضل منكنّ ، وقد علم الله سبحانه أنه لا يطلقهنّ ، ولكن أخبر عن قدرته على أنه إن وقع منه الطلاق أبدله خيراً منهن تخويفاً لهنّ . وهو كقوله : { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } [ محمد : 38 ] فإنه إخبار عن القدرة وتخويف لهم . ثم نعت سبحانه الأزواج بقوله : { مسلمات مؤمنات } أي قائمات بفرائض الإسلام مصدّقات بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشرّه . وقال سعيد بن جبير : مسلمات : أي مخلصات وقيل معناه : مسلمات لأمر الله ورسوله { قانتات } مطيعات لله والقنوت : الطاعة ، وقيل : مصليات { تائبات } يعني : من الذنوب { عابدات } لله متذللات له . قال الحسن وسعيد بن جبير : كثيرات العبادة { سائحات } أي صائمات . وقال زيد بن أسلم : مهاجرات ، وليس في أمة محمد صلى الله عليه وسلم سياحة إلاّ الهجرة . قال ابن قتيبة والفراء وغيرهما : وسمي الصيام سياحة لأن السائح لا زاد معه . وقيل المعنى : ذاهبات في طاعة الله ، من ساح الماء : إذا ذهب ، وأصل السياحة : الجولان في الأرض ، وقد مضى الكلام على السياحة في سورة براءة { ثيبات وَأَبْكَاراً } وسط بينهما العاطف لتنافيهما ، والثيبات : جمع ثيب ، وهي المرأة التي قد تزوّجت ، ثم ثابت عن زوجها فعادت ، كما كانت غير ذات زوج . والأبكار : جمع بكر ، وهي العذراء ، سميت بذلك لأنها على أوّل حالها التي خلقت عليه .

/خ5