تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} (10)

{ فَارْتَقِبْ } أي : انتظر فيهم العذاب فإنه قد قرب وآن أوانه ، { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} (10)

{ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين } في هذا قولان .

أحدهما : قول علي بن أبي طالب وابن عباس أن الدخان يكون قبل يوم القيامة يصيب المؤمن منه مثل الزكام وينضج رؤوس الكافرين والمنافقين وهو من أشراط الساعة ، وروى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أول أشراط الساعة الدخان " .

والثاني : قول ابن مسعود إن الدخان عبارة عما أصاب قريشا حين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجدب فكان الرجل يرى دخانا بينه وبين السماء من شدة الجوع قال ابن مسعود : خمس قد مضين : الدخان و اللزام والبطشة والقمر والدوم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} (10)

ولما كان هذا موضع أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم المفهوم من{[57327]} السياق : فماذا صنع فيهم بعد هذا البيان{[57328]} ، الذي لم يدع لبساً لإنسان{[57329]} ؟ سبب عن ذلك قوله تسلية له وتهديداً لهم : { فارتقب } أي انتظر{[57330]} بكل جهد عالياً عليهم ناظراً لأحوالهم نظر من هو حارس لها ، متحفظاً من مثلها بهمة كهمة الأسد الأرقب ، والفعل متعد ولكنه قصر تهويلاً لذهاب الوهم في مفعوله كل مذهب ، ولعل المراد في الأصل ما يحصل من أسباب نصرك وموجبات خذلانهم { يوم تأتي السماء } أي فيما يخيل للعين لما يغشي البصر من شدة الجهد بالجوع إن كان المراد ما حصل [ لهم-{[57331]} ] من المجاعة الناشئة عن القحط الذي سببه قوله صلى الله عليه وسلم " اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف " وروي في الصحيح{[57332]} أن الرجل منهم كان يرى ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان ، وفي الواقع{[57333]} أن المراد عند قرب الساعة وعقب قيامها ، فإنه ورد أنه يأتي إذ ذاك فيغشي الناس ويحصل للمؤمن منه كهيئة الزكام ، ويجوز أن [ يكون-{[57334]} ] المراد أعم{[57335]} من ذلك كله وأوله{[57336]} وقت القحط [ وكان آية على ما بعده ، أو منه ما يأتي عند خروج الدخان من القحط-{[57337]} ] الذي يحصل قبله{[57338]} أو غيره كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد : " إني قد خبأت لك خبأ{[57339]} فما هو ؟ " قال{[57340]} : الدخ ، ففسر بالدخان ، فلذلك قال تعالى : { بدخان مبين } أي واضح{[57341]} لا لبس{[57342]} فيه عند رائيه{[57343]} ومبين{[57344]} لما سواه من الآيات للفطن


[57327]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[57328]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[57329]:من مد، وفي الأصل و ظ: لا لشان
[57330]:من ظ ومد، وفي الأصل: انظر.
[57331]:زيد من مد.
[57332]:راجع 2/714.
[57333]:من مد، وفي الأصل و ظ: المراقع.
[57334]:زيد من مد.
[57335]:من مد، وفي الأصل و ظ: أعلم
[57336]:من ظ ومد، وفي الأصل: أدله.
[57337]:زيد من ظ و مد.
[57338]:من مد، وفي الأصل و ظ: قوله
[57339]:من مد، وفي الأصل و ظ: قال فما هو.
[57340]:من مد، وفي الأصل و ظ: قال فما هو.
[57341]:من مد، وفي الأصل و ظ: ليس.
[57342]:من مد، وفي الأصل و ظ: ليس.
[57343]:من مد، وفي الأصل و ظ: رايه.
[57344]:من ظ ومد، وفي الأصل: يبين.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} (10)

قوله : { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين } ارتقب معناه انتظر . ويقال ذلك في المكروه . والمعنى : انتظر يا محمد بهؤلاء المشركين يوم تغشاهم السماء بدخان ظاهر يراه كل أحد . وفي حقيقة الدخان قولان :

القول الأول : إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على قومه المشركين بمكة لما كذبوه فقال : " اللهم اجعل سنيهم كسنيّ يوسف " فارتفع المطر وأجدبت الأرض وأصابت قريشا شدة المجاعة حتى أكلوا العظام والكلاب والجيف . فكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان . وهذا قول ابن عباس في رواية عنه وقال به ابن مسعود . وجملة ذلك أن هذا الدخان إنما يراد به الظلمة التي في أبصارهم من شدة الجوع . وذكر في تفسير الدخان بهذه الحالة أن في سنة القحط يعظم يبس الأرض بسبب انقطاع المطر ويرتفع الغبار الكثير ويظلم الهواء وذلك يشبه الدخان ولهذا يقال سنة المجاعة الغبراء .

القول الثاني : إن هذا الدخان من أشراط الساعة وهو لم يجئ بعد ، وإنه يمكث في الأرض أربعين يوما يملأ ما بين السماء والأرض ، فأما المؤمن فيصيبه مثل الزكام . وأما الكافر والفاجر فيدخل في أنوفهم فيثقب مسامعهم ويضيق أنفاسهم وهو من آثار جهنم يوم القيامة . وهو قول كثيرين من السلف فيهم ابن عمر وأبو هريرة والحسن وابن عباس في رواية عنه . وهذا القول أولى بالصواب . وفي صحيح مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال : " ما تذكرون ؟ " قالوا : نذكر الساعة . قال : " إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات " فذكر : " الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم " وفي رواية عن حذيفة قال : قلت : يا نبي الله ، وما الدخان ؟ قال : " هذه الآية { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين } " .