تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٖ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٖ} (26)

ثم ذكر ضدها وهي كلمة الكفر وفروعها فقال : { وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } المأكل والمطعم وهي : شجرة الحنظل ونحوها ، { اجْتُثَّتْ } هذه الشجرة { مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ } أي : من ثبوت فلا عروق تمسكها ، ولا ثمرة صالحة ، تنتجها ، بل إن وجد فيها ثمرة ، فهي ثمرة خبيثة ، كذلك كلمة الكفر والمعاصي ، ليس لها ثبوت نافع في القلب ، ولا تثمر إلا كل قول خبيث وعمل خبيث يستضر به صاحبه ، ولا ينتفع ، فلا يصعد إلى الله منه عمل صالح ولا ينفع نفسه ، ولا ينتفع به غيره .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٖ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٖ} (26)

وقوله : { وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } هذا مثل كفر الكافر ، لا أصل له ولا ثبات ، وشبه بشجرة الحنظل ، ويقال لها : " الشريان " . [ رواه شعبة ، عن معاوية بن قُرَّة ، عن أنس بن مالك : أنها شجرة الحنظل ]{[15826]} .

وقال أبو بكر البزار الحافظ : حدثنا يحيى بن محمد بن السكن ، حدثنا أبو زيد سعيد بن الربيع ، حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن أنس - أحسَبه رفعه - قال : " مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة " ، قال : هي النخلة ، { وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } قال : هي الشّرْيان{[15827]} .

ثم رواه عن محمد بن المثنى ، عن غُنْدَر ، عن شعبة ، عن معاوية ، عن أنس موقوفا{[15828]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد - هو ابن سلمة - عن شعيب بن الحَبْحاب عن أنس بن مالك ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة " هي الحنظلة " . فأخبرت بذلك أبا العالية فقال : هكذا كنا نسمع .

ورواه ابن جرير ، من حديث حماد بن سلمة ، به{[15829]} ورواه أبو يعلى في مسنده بأبسط من هذا فقال :

حدثنا غسان ، عن حماد ، عن شعيب ، عن أنس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقناع عليه بُسْر ، فقال : ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة ، أصلها ثابت وفرعها في السماء . تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فقال : " هي النخلة " { وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ } قال : " هي الحنظل " {[15830]} قال شعيب : فأخبرت بذلك أبا العالية فقال : كذلك كنا نسمع{[15831]} .

وقوله : { اجْتُثَّتْ } أي : استؤصلت { مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ } أي : لا أصل لها ولا ثبات ، كذلك الكفر لا أصل له ولا فرع ، ولا يصعد للكافر عمل ، ولا يتقبل منه شيء .


[15826]:- زيادة من ت ، أ.
[15827]:- ورواه حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس مرفوعا مثله رواه الطبري في تفسيره (16/570 ، 585).
[15828]:- ورواه الطبري في تفسيره (16/583) عن محمد بن المثنى به موقوفا ، ورواه شبابة وعمرو بن الهيثم ، عن شعبة فأوقفوه. انظر : تفسير الطبري (16/583).
[15829]:- تفسير الطبري (16/585).
[15830]:- في أ : "الحنظلة".
[15831]:- ورواه الترمذي في السنن برقم (3119) عن عبد بن حميد ، عن أبي الوليد ، عن حماد بن سلمة به نحوه ، وقد سبق الكلام عليه.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٖ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٖ} (26)

جملة { اجتثت من فوق الأرض } صفة ل { شجرة خبيثة } لأن الناس لا يتركونها تلتف على الأشجار فتقتلها . والاجتثاث : قطع الشيء كلّه ، مشتق من الجُثة وهي الذات . و { من فوق الأرض } تصوير ل { اجتثت } . وهذا مقابل قوله في صفة الشجرة الطيبة { أصلها ثابت وفرعها في السماء .

وجملة { ما لها من قرار } تأكيد لمعنى الاجتثاث لأن الاجتثاث من انعدام القرار .

والأظهر أن المراد بالكلمة الطيّبة القرآن وإرشاده ، وبالكلمة الخبيثة تعاليم أهل الشرك وعقائدهم ، ف ( الكلمة ) في الموضعين مطلقة على القول والكلام ، كما دل عليه قوله : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } . والمقصود مَعَ التمثيل إظهارُ المقابلة بين الحالين إلا أن الغرض في هذا المقام بتمثيل كل حالة على حدة بخلاف ما يأتي عند قوله تعالى في سورة النحل { ضرب الله مثلا عبداً مملوكا إلى قوله ومن رزقناه منا رزقاً حسناً ، فانظر بيانه هنالك .

وجملة { ويضرب الله الأمثال للناس } معترضة بين الجملتين المتعاطفتين . والواو واو الاعتراض . ومعنى ( لعل ) رجاء تذكرهم ، أي تهيئة التذكر لهم ، وقد مضت نظائرها .