اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٖ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٖ} (26)

وقوله : { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ } قرئ{[19264]} بنصب " مثَل " عطفاً على : " مَثلَ " الأوَّلِ .

و " اجْتُثَّتْ " " صفة ل " شَجَرَةٍ " ، ومعنى : " اجْتُثَّتْ " قلعت جثتها ، أي : شخصها والجثة شخص الإنسان قاعداً أو قائماً ويقال : اجتث الشيء أي اقتلعه ، فهو افتعال من لفظ الجثة ، وجَثَثْتُ الشيء : قلعتهُ .

قال لقيط الأيادي : [ البسيط ]

هذَا الجَلاءًُ الَّذي يَجْتَثُّ أصْلَكُمُ *** فمَنْ رأى مِثْلَ ذَا يَوْماً ومنْ سَمِعَا{[19265]}

وقال الراغب{[19266]} : " جُثَّةُ الشيء : شخصه النَّاتئ ، والمُجَثّةُ : ما يجثُّ بِهِ والجَثِيثَةُ لما بَانَ جُثَّتهُ بعد طَبْخهِ ، والجَثْجَاثُ : نَبْتٌ " .

و " مِنْ قرارٍ " يجوز أن يكون فاعلاً بالجار قبله لاعتماده على النَّفي ، وأن يكون مبتدأ ، والجملة المنفية إمَّا نعت ل " شَجَرةٍ " وإمَّا حال من ضمير : " اجْتُثَّتْ " .

فصل في المراد بالشجرة الخبيثة

الكلمة الخبيثة هي الشرك : " كَشجَرةٍ خَبِيثةٍ " وهي الحنظلُ وقيل : هي الثوم .

وقيل : هي الكشوث وهل العسَّة ، وهي شجرةٌ لا ورق لها ، ولا عروق في الأرض .

[ قال الشاعر : ]{[19267]} [ البسيط ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وهيَ كَشُوثٌ فلا أصْلٌ ولا ثَمَر{[19268]}

وعن ابن عبَّاسٍ -رضي الله عنه- أنَّها شجرة لم تخلق على وجهِ الأرض{[19269]} .

" اجْتُثَّت " اقتلعت من فوق الأرض " مَا لهَا من قرارٍ " ثابت ، أي : ليس لها أصلٌ ثابتٌ في الأرض ولا فرع صاعد إلى السماء ، كذلك الكافر لا خير فيه ، ولا صعد له قولٌ طيب ، ولا عمل صالح .


[19264]:ينظر: الكشاف 2/553 والبحر المحيط 5/411 والدر المصون 4/267.
[19265]:ينظر: البحر المحيط 5/ القرطبي 5/396 ، الأغاني 12/356، الدر المصون 4/267.
[19266]:ينظر: المفردات: 88.
[19267]:سقط في ب.
[19268]:ينظر: اللسان (كشت)، والقرطبي 9/237، وروح المعاني 13/215، والبحر المحيط 5/411 ورواية اللسان: هو الكشوت فلا أصل ولا رق.
[19269]:ذكره القرطبي 9(237) وأخرجه الطبري (7/445) عن ابن عباس بمعناه.