الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٖ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٖ} (26)

قوله تعالى :{ ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة } الكلمة الخبيثة كلمة الكفر . وقيل : الكافر نفسه . والشجرة الخبيثة شجرة الحنظل كما في حديث أنس ، وهو قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما ، وعن ابن عباس أيضا : أنها شجرة لم تخلق على الأرض . وقيل : هي شجرة الثوم ، عن ابن عباس أيضا . وقيل : الكمأة أو الطحلبة . وقيل : الكشوث ، وهي شجرة لا ورق لها ولا عروق في الأرض ، قال الشاعر :

وهم كَشُوثٌ فلا أصلٌ ولا وَرَقٌ{[9510]}

" اجتثت من فوق الأرض " اقتلعت من أصلها ، قاله ابن عباس ، ومنه قول لقيط{[9511]} :

هو الجلاءُ الذي يَجتثُّ أصلَكُمُ*** فمن رأى مثلَ ذا يومًا ومن سَمِعَا

وقال المؤرج : أخذت جثتها وهي نفسها ، والجثة شخص الإنسان قاعدا أو قائما . وجثه قلعه ، واجتثه اقتلعه من فوق الأرض ، أي ليس لها أصل راسخ يشرب بعروقه من الأرض . " ما لها من قرار " أي من أصل في الأرض . وقيل : من ثبات ، فكذلك الكافر لا حجة له ولا ثبات ولا خير فيه ، وما يصعد له قول طيب ولا عمل صالح . وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة في قوله تعالى : " ضرب الله مثلا كلمة طيبة " قال : لا إله إلا الله " كشجرة طيبة " قال : المؤمن ، " أصلها ثابت " لا إله إلا الله ثابتة في قلب المؤمن ، " ومثل كلمة خبيثة " قال : الشرك ، " شجرة خبيثة " قال : المشرك ، " اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار " أي ليس للمشرك أصل يعمل عليه . وقيل : يرجع المثل إلى الدعاء إلى الإيمان ، والدعاء إلى الشرك ؛ لأن الكلمة يفهم منها القول والدعاء إلى الشيء .


[9510]:تمامه: ولا نسيم ولا ظل ولا ثمر يريد أنهم لا حسب لهم ولا نسب. رواية اللسان والتاج: هو الكشوث.
[9511]:هو لقيط بن معمر الأيادي، والبيت من قصيدة بعث بها إلى قومه يحذرهم كسرى وجيشه، فلم يلتفتوا إلى قوله، فظفر بهم كسرى وهزمهم.