الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٖ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٖ} (26)

وقوله : { كشجرة خبيثة }[ 26 ] : مثل الكافر عمله خبيث ، وجسده خبيث ، وروحه خبيث . وليس لعمله قرار في الأرض ، ولا يصعد إلى السماء .

وقيل : الشجرة هنا : شجرة في الجنة ، روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه {[37158]} .

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم {[37159]} أنه قال : هي النخلة {[37160]} {[37161]} ومعنى كل حين : كل غدوة {[37162]} وعشية في أحد قولي ابن عباس {[37163]} على أنها شجرة الجنة {[37164]} .

وقيل : كل حين : كل وقت ، وهو المؤمن يطيع الله ، ( عز وجل ) {[37165]} : بالليل والنهار ، وفي كل وقت {[37166]} .

وقال الربيع بن أنس ( رحمه الله ) : ( كل حين ) : كل وقت يصعد عمل المؤمن من أول النهار وآخره {[37167]} .

وقيل : الحين هنا : ستة أشهر ، من حيث تُصْرمُ النخلة إلى حين تُطْلِع وذلك ستة أشهر {[37168]} .

وقيل : الحين : سنة {[37169]} ، وذلك من حين تُصْرمُ النخلة / إلى حين تصرم .

وقال سعيد بن المسيب {[37170]} : الحين : شهران ، وهو ما دام التمر {[37171]} في النخل ، وذلك شهران {[37172]} .

واختلفوا في رجل حلف أل يكلم رجلا إلى حين ، وألا {[37173]} يدخل الدار إلى حين ، على مثل {[37174]} ما اختلفوا في الآية {[37175]} .

والحين عند أهل اللغة {[37176]} : اسم للوقت ، يصلح لجميع الأزمان كلها طالت ، أو قصرت {[37177]} .

واختيار الطبري قول من أن الحين غدوة وعشية ، وكل ساعة ، على أن الشجرة شجرة في الجنة ، لأن لله ( عز وجل ) {[37178]} ضرب ما تؤتى هذه الشجرة كل حين من الأكل لعمل المؤمن ، وكلامه مثلا . ولا شك أن المؤمن يرتفع له إلى الله ، عز وجل ، في {[37179]} كل يوم عمل صالح {[37180]} .

واختار النحاس أن يكون الحين سنة ، على أن الشجرة : النخلة ، تؤتي ثمرها من سنة إلى سنة .

والحين عند مالك ، ( رحمه الله ) {[37181]} : سنة ، ولو نذر رجل {[37182]} أن {[37183]} يصوم حينا ( الصام ) {[37184]} سنة وهو قول مجاهد {[37185]} .

وقال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، وأصحاب الرأي : الحين ستة أشهر ، فمن نذر صوم حين ، صام ستة أشهر {[37186]} .

وقال الشافعي : ليس عليه في نذره شيء ، ولا يحنث في ترك الصوم ، ولا يلزمه نذر . لأن الحين يكون مدة {[37187]} الدنيا كلها {[37188]} .

ثم قال تعالى : { مثلا كلمة طيبة }[ 24 ] ، معناه {[37189]} : ومثل الشرك بالله ، سبحانه وهي الكلمة الخبيثة {[37190]} : كشجرة خبيثة ، وهي : الحنظلة ، قال( ه ) {[37191]} مجاهد ، وأنس بن مالك وروي عن ابن عباس {[37192]} .

ومعنى : { اجتثت من فوق الأرض }[ 26 ] ، أي استؤصلت {[37193]} .

ومعنى : { ما لها من قرار }[ 26 ] : أي : ليس لها من أصل في الأرض تثبت عليه وتقوم {[37194]} . فليس لكفر الكافر ومعصيته ثبات {[37195]} ، ولا نفع .

كما أن هذه الشجرة ليس لها أصل ، ولا ثبات ، ولا نفع {[37196]} .

وقيل : الشجرة الخبيثة : الثوم {[37197]} : وقيل : الكثوث {[37198]} .


[37158]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/573.
[37159]:ط: عليه السلام.
[37160]:ق: نخلة.
[37161]:هذا حديث صحيح أخرج الشيخان في صحيحهما عن ابن عمر، والإمام أحمد في مسنده، انظر: الفتح 1/228، كتاب التفسير باب كشجرة طيبة، وصحيح مسلم 7/137، كتاب صفة القيامة باب مثل المؤمن مثل النخلة، وانظر: مسند الإمام أحمد رقم 4599ـ، و5955.
[37162]:ط: غدات.
[37163]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/576، ولم ينسبه في معاني الزجاج 3/161.
[37164]:انظر: جامع البيان 16/568، ولم ينسبه في معاني الزجاج 3/161.
[37165]:ساقط من ط.
[37166]:وهو معنى قول الضحاك في: جامع البيان 16/577.
[37167]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/582.
[37168]:وهو قول مجاهد في: تفسيره 411 ولم ينسب في جامع البيان 16/578، ومعاني الزجاج 3/161، وغريب القرآن 232.
[37169]:وهو قول حماد، ومجاهد، وابن زيد، وابن عباس في: جامع البيان 16/580-581، ولم ينسبه في: غريب القرآن 232، ومعاني الزجاج 3/160.
[37170]:هو أبو محمد، المخزومي من أكبر التابعين في التفسير، والفقه، روى عن الراشدين، وسواهم، وحدث عنه: قتادة، والزهري (ت 93 هـ) انظر: طبقات ابن سعد 5/88، وتذكرة الحفاظ 54، وصفة الصفوة 2/79.
[37171]:ق: الثمر.
[37172]:انظر: معنى هذا القول في: جامع البيان 16/586.
[37173]:ق: ولا.
[37174]:ط: مثال.
[37175]:ذهب حماد، وعكرمة، وابن عباس إلى أن الحين سنة، وهو رأي القرطبي في: الجامع 9/237، واختار ابن المسيب أنه شهران، انظر: جامع البيان 16/585-586. وقال ابن عطية في المحرر 10/83 مبينا دوافع هذا الاختلاف: (ومن قال الحين سنة راعى أن ثمر النخلة، وجناها إنما يأتي كل سنة، ومن قال ستة أشهر راعى من وقت جذاد النخل إلى حملها من الوقت المقبل. وقيل: إن التشبيه وقع بالنخل الذي يثمر مرتين في العام، ومن قال شهرين قال: هي مدة الجني في النخل.
[37176]:ط: مطموس.
[37177]:وهو قول الزجاج في: معانيه 3/161.
[37178]:ساقط من ق.
[37179]:ق: وكل.
[37180]:انظر: هذا الاختيار في: جامع البيان 16/582.
[37181]:ما بين القوسين ساقط من ط.
[37182]:ق: رجلا.
[37183]:ط: مطموس.
[37184]:ساقط من ق.
[37185]:انظر: قول مالك في: أحكام ابن العرب 3/1119، وقول مجاهد في: تفسيره 411، وفي: جامع البيان 16/580.
[37186]:انظر: جميع هذه الأقوال في جامع البيان 16/578-579.
[37187]:ط: تكون مدة. ق: يكون منها. من حلف أن يصوم حينا فأقل به يمينه عند المالكية سنة، وعند الأحناف ستة أشهر، وذلك لأن الحين عند مالك أقله سنة، وعند أبي حنيفة أقله ستة أشهر. وأما الشافعي فعنده أنه ليس له حد، فبأي شيء فسره به قبل منه، انظر: الإشراف على مسائل الخلاف، للقاضي عبد الوهاب البغدادي 2/237
[37188]:ساقط من ق.
[37189]:ط: ومعناه.
[37190]:انظر هذا المعنى في: غريب القرآن 232، وجامع البيان 16/583.
[37191]:ساقط من ق.
[37192]:انظر قول مجاهد في: تفسيره 411، وسائر الأقوال الأخرى في: جامع البيان 16/584-585، ولم ينسب في غريب القرآن 232 إلا لأنس.
[37193]:انظر هذا التفسير في: مجاز القرآن 1/340، وغريب القرآن 232.
[37194]:ق: ويقوم. وانظر هذا التوجيه في: غريب القرآن 232، وجامع البيان 16/586.
[37195]:ق: ثابت.
[37196]:وهو معنى قول الطبري في: جامع البيان 16/586.
[37197]:وهو قول ابن عباس في: الجامع 1/237.
[37198]:انظر هذا القول في: الجامع 9/237، والكثوث: شجرة لا ورق لها، ولا عروق في الأرض، وهو أصفر يتعلق بأطراف الشوك وغيره، انظر: اللسان: كثث.