الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٖ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٖ} (26)

{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ } وهي الشرك { كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } هي الحنظلة .

قال ابن عباس : هذا مثل ضربه الله ولم يخلق هذه الشجرة على وجه الأرض .

{ اجْتُثَّتْ } اقتلعت . قال ابن عباس ، والسدي : استرخت .

الضحاك : استوصلت . المؤرخ : أخذت حيث ما هي يقيناً { مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } كذلك الكافر لا خير فيه ولا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ } يحقق الله إيمانهم وأعمالهم بالقول والتثبيت ، وهو شهادة أن لا إله إلاّ الله { فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } يعني في القبر ، وقيل : في الحياة في القبر عند الله تعالى وفي الآخرة إذا بعث .

مقاتل : ذلك أنّ المؤمن إذا مات بعث الله إليه ملكاً يقال له : رومان فيدخل قبره فيقول له : إنه يأتيك الآن ملكان أسودان فيسألانك من ربك ومن نبيك وقادتك فأجبهما بما كنت عليه في حياتك ، ثم يخرج فيدخل الملكان وهما منكر ونكير أسودان أزرقان فظان غليظان أعينهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالريح العاصف معهما مهزبة ، فيقعدان ويسألانه لا يشعران بدخول رومان فيقول ربي الله ونبيي محمد وديني الإسلام ، فيقولان له عند الله سعيد ثم يقولان : اللهم فأرضهِ كما أرضاك ، ويفتح له في قبره باب من الجنة يأتيه منها التِحَف ، فإذا انصرفا عنه قال له : نَمْ نومة العروس ، فهذا هو التثبيت { وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ } يعني يلعنهم وذلك أنّ الكافر إذا دخل عليه الملكان قالا له : من ربك وما دينك ومن نبيك ؟ قال : لا أدري .

قالا له : لا دريت ولا هديت عشت عصيا ومتّ شقياً ، ثم يقولان له نم نومة المنهوس ويفتح من قبره باب من جهنم ويضربانه ضربة بتلك المرزبة فيشهق شهقة يسمعها كل حيوان إلاّ الثقلان ويعلنه كل من يسمع صوته فذلك قوله

{ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ } [ البقرة : 159 ] .