تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءٗۖ فَلَا تَتَّخِذُواْ مِنۡهُمۡ أَوۡلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡۖ وَلَا تَتَّخِذُواْ مِنۡهُمۡ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرًا} (89)

وودوا مع ذلك كفركم وأن تكونوا مثلهم . فإذا تحققتم ذلك منهم { فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ } وهذا يستلزم عدم محبتهم لأن الولاية فرع المحبة .

ويستلزم أيضا بغضهم وعداوتهم لأن النهي عن الشيء أمر بضده ، وهذا الأمر موقت بهجرتهم فإذا هاجروا جرى عليهم ما جرى على المسلمين ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجري أحكام الإسلام لكل مَنْ كان معه وهاجر إليه ، وسواء كان مؤمنا حقيقة أو ظاهر الإيمان .

وأنهم إن لم يهاجروا وتولوا عنها { فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } أي : في أي وقت وأي محل كان ، وهذا من جملة الأدلة الدالة على نسخ القتال في الأشهر الحرم ، كما هو قول جمهور العلماء ، والمنازعون يقولون : هذه نصوص مطلقة ، محمولة على تقييد التحريم في الأشهر الحرم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءٗۖ فَلَا تَتَّخِذُواْ مِنۡهُمۡ أَوۡلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡۖ وَلَا تَتَّخِذُواْ مِنۡهُمۡ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرًا} (89)

ثم قال : { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً } أي : هم يودون لكم الضلالة لتستووا أنتم وإياهم فيها ، وما ذاك إلا لشدة عداوتهم وبغضهم لكم ؛ ولهذا قال : { فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا } أي : تركوا الهجرة ، قاله العوفي عن ابن عباس . وقال السدي : أظهروا كفرهم { فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا } أي : لا توالوهم ولا تستنصروا بهم على الأعداء ما داموا كذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءٗۖ فَلَا تَتَّخِذُواْ مِنۡهُمۡ أَوۡلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡۖ وَلَا تَتَّخِذُواْ مِنۡهُمۡ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرًا} (89)

الضمير في { ودوا } عائد على المنافقين ، وهذا كشف من الله لخبث معتقدهم ، وتحذير للمؤمنين منهم . والمعنى تمنوا كفركم ، وهي غاية المصائب بكم ، وهذا الود منهم يحتمل أن يكون عن حسد منهم لهم على ما يرون للمؤمنين من ظهور في الدنيا ، فتجري الآية مع ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم ويحتمل أمر المنافقين أن يكون أنهم رأوا المؤمنين على غير شيء فودوا رجوعهم إلى عبادة الأصنام ، والأول أظهر ، وقوله : { فلا تتخذوا } الآية . هذا نهي عن موالاتهم حتى يهاجروا ، لأن الهجرة في سبيل الله تتضمن الإيمان ، و { في سبيل الله } معناه في طريق مرضاة الله ، لأن سبل الله كثيرة ، وهي طاعاته كلها ، المعنى فإن أعرضوا عن الهجرة وتولوا عن الإيمان فخذوهم ، وهذا أمر بالحمل عليهم ومجاهرتهم بالقتال .