وقوله تعالى : { ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء } قيل : الذين تركوا الهجرة ، فرجعوا إلى أهلهم ومنازلهم : الذين قال الله ( فيهم ){[6156]} : { فما لكم في المنافقين فئتين } ( النساء : 88 ){ لو تكفرون كما كفروا } أي تتركون الهجرة ، وترجعون كما رجعوا هم ، فتكونون أنتم وهم سواء شرعا في الكفر ، فسماهم الله كفارا ، وأمرهم بالبراءة منهم ، فقال : { فلا تتخذوا منهم أولياء }بالهجرة الأولى كقوله تعالى : { لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء } ( المائدة : 51 ) وكقوله{[6157]} تعالى : { لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } ( الممتحنة : 1 ) وكقوله تعالى : { لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء } ( آل عمران : 28 ) نهاهم أن يتخذوا أولياء{ حتى يهاجروا } هجرة ثانية إلى المدينة ، ويثبتوا على ذلك .
هذا في قول من قال : إنهم كانوا هاجروا ، ثم لحقوا بمكة . أما في قول من قال : إنهم كانوا في أهلهم وتكلموا بالإسلام فيها ولم يهاجروا ، فمعنى هذا : لا{ تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا } كما هاجر غيرهم .
وقيل : المهاجرون على طبقات : منهم من هاجر ، وأقام ، وسمع ، وأطاع ، وثبت على ذلك ، ومنهم من هاجر ، ثم خرج من غير إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحق بأهله ، وأبطل هجرته التي {[6158]} هاجر وإيمانه الذي{[6159]} آمن . ومنهم من تكلم بالإسلام ، وأقام بأهله ، ولم يهاجر ، وله قوة ( على ){[6160]} الهجرة ، كان كذلك ، ومنهم من تكلم بالإسلام ، ولم يكن له قوة على الهجرة ، كانوا مستضعفين . وهو ، والله أعلم ، ما قال الله تعالى : { إلا المستضعفين من الرجال والنساء } الآية ( النساء : 98 ) .
روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : ( كنت أنا وأمي من المستضعفين ) . والذين آمنوا ، ولم يهاجروا ، ولهم قوة ( على ){[6161]} الهجرة ، ما قال الله تعالى : { والذين آمنوا ولم يهاجروا } ( الأنفال : 72 ) وفي قوله تعالى : { ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا } ( الأنفال : 72 ) وفي قوله تعالى : { فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا } ( النساء : 89 ) . ويحتمل من أظهر الموافقة من المنافقين للكفرة ، ولحق بهم ، ويحتمل من قد آمن ، ولم يهاجر ؛ فيكون الأول على ولاية الدين ، والثاني : على ولاية الميراث كقوله تعالى : { والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء } ( الأنفال : 72 ) .
ومن يتأول الآية إظهار الكفر دون الخروج من المدينة فمها جرته تخرج على وجهين :
أحدهما : أن يكون قد انضم إلى معاني الكفرة ، فما{[6162]} يترك صحبتهم .
والثاني : أن تهاجر الأعلام المجعولة لأهل النفاق مما تظهر ذلك في ما امتحنوا به من الأفعال ، فيظهر خلاف ذلك كقوله تعالى : { ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم } ( الأحزاب : 24 ) .
وقوله تعالى : { فإن تولوا } وأبو الهجرة{ فخذوهم واقتلوهم حيث ما وجدتموهم } لأنهم صاروا حراما لنا حيث تركوا الهجرة ، وأبطلوا إيمانهم الذي تكلموا به{ ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا }لما ذكرنا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.