غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءٗۖ فَلَا تَتَّخِذُواْ مِنۡهُمۡ أَوۡلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡۖ وَلَا تَتَّخِذُواْ مِنۡهُمۡ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرًا} (89)

82

ثم ذكر أنهم بالغوا في الكفر إلى أن تمنوا أن تصيروا كفاراً فكيف تطمعون في إيمانهم وهو قوله : { ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء } أي في الكفر . والمراد فتكونون أنتم وهو سواء إلاّ أنه اكتفى بذكر المخاطبين عن ذكر غيرهم لتقدم ذكرهم .

وقوله : { فتكونون } عطف على { تكفرون } . { فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا } أي حتى يضموا إلى إيمانهم المهاجرة الصحيحة المعتمدة وهي الهجرة في سبيل الله لا لغرض من الأغراض الفانية مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " أنا بريء من كل مسلم قام بين أظهر المشركين وأنا بريء من كل مسلم مع مشرك " . وكانت الهجرة واجبة إلى أن فتحت مكة . عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية " . وعن الحسن : إن حكم الآية ثابت في كل من أقام في دار الحرب فرأى فرض الهجرة إلى دار الإسلام قائماً .

قال المحققون : الهجرة في سبيل الله تشمل الانتقال من دار الكفر إلى دار الإيمان ، والانتقال من أعمال الكفار إلى أعمال المسلمين بل هذا أقدم وأهم لقوله صلى الله عليه وسلم : " المهاجر من هجر ما نهى الله عنه " . { فإن تولوا } عن الإيمان المظاهر بالهجرة الصحيحة فحكمهم حكم سائر المشركين .

{ فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم } في الحل أو في الحرم { ولا تتخذوا منهم } في هذه الحالة { ولياً } يتولى شيئاً من مهماتكم { ولا نصيراًً } ينصركم على أعدائكم بل جانبوهم مجانبة كلية .