قوله تعالى : { فَمَا لَكُمْ فِي المنافقين فِئَتَيْنِ . . . } [ النساء :88 ] .
واختلف في هؤُلاَءِ المنافِقِينَ ، فقال ابنُ عَبَّاس : هم قومٌ كانوا بمَكَّة أظهروا الإيمانَ لأصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في كُتُبٍ بَعَثُوا بِهَا إلى المدينةِ ، ثم خَرَجُوا مسافِرِينَ إلى الشَّام ، وأعطَتْهم قريشٌ بِضَاعَاتٍ ، وقالوا لهم : أنتم لا تَخَافُونَ أصْحَاب محمَّد ، لأَنَّكُمْ تخدَعُونَهم بإِظْهَار الإِيمانِ ، فاتصل خبرُهُمْ بالمدينَةِ ، فاختلف المؤمنُونَ فيهم ، فقالَتْ فرقةٌ : نَخْرُجُ إلَيْهم ، فإنهم منافقونَ ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : بَلْ هُمْ مُؤْمِنُونَ ، لاَ سَبِيلَ لَنَا إلَيْهِمْ ، فنزلَتِ الآية ، وعن مجاهدٍ نحوه .
قال ( ع ) : ويَعْضُدُهُ ما في آخر الآيةِ مِنْ قوله تعالى : { حتى يُهَاجِرُواْ }[ النساء :89 ] وقال زيدُ بنُ ثابتٍ : نزلَتْ في عبد اللَّه بْنِ أُبيٍّ ، وأصحابِهِ المنافِقِينَ ، الذين رجَعُوا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ ، وهو في «صحيحِ البخاريِّ » مسنداً ؛ قال ابنُ العَرَبِيِّ في «أحكامه » : وهذا القولُ هو اختيار البخاريِّ ، والترمذيِّ انتهى .
قال ( ع ) : وعلى هذا ، فقولُه سبحانَهُ : { حتى يُهَاجِرُواْ } المرادُ هَجْرُ ما نَهَى اللَّهُ عنه ، كما قال عليه السلام : ( والمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عَنْه ) ، و{ فِئَتَيْنِ } : معناه : فرقَتَيْنِ ، و{ أَرْكَسَهُمْ } : معناه أرجعَهُمْ في كُفْرِهِمْ وضَلاَلِهِمْ ، والرِّكْس : الرَّجيع ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الرَّوْثَةِ : ( إنَّهَا رِكْسٌ ) ، وحكى النضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ، والكِسَائِيُّ : رَكَسَ وأَرْكَسَ بمعنًى واحدٍ ، أي : أرجَعَهم ، ومَنْ قال مِنَ المتأوِّلين : أَهْلَكَهم أو أضلَّهم ، فإنَّما هو بالمعنى ، وباقي الآية بَيِّنٌ .
قال ( ص ) : { أَرْكَسَهُمْ } ، أي : رَدَّهم في الكُفْر .
وقال ابنُ العَرَبِيِّ في «أحكامه » : أَخْبَرَ اللَّه تعالى أنه رَدَّ المنافِقِينَ إلى الكُفْر ، وهو الإركَاسُ ، وهو عبارةٌ عن الرجُوعِ إلى الحالَةِ المكروهَةِ ، كما قال في الرَّوْثَةِ : «إنَّهَا رِكْسٌ » ، أيْ : رجَعَتْ إلى حالةٍ مكروهةٍ ، فنَهَى اللَّه سبحانَهُ الصحابَةَ أنْ يتعلَّقوا فيهم بظَاهِرِ الإِيمان ، إذ كان باطنهم الكُفْرَ ، وأمرهم بقَتْلهم ، حَيْثُ وجَدُوهُم ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.