قوله تعالى : { لَوْ تَكْفُرُونَ } : " لو " يجوزُ فيها وجهان ، أحدهما : أن تكونَ مصدرية . والثاني : أنها على بابها من كونِها حرفاً لما كان سيقع لوقوع غيره ، فعلى الأول تتقدَّر مع ما بعدَها بمصدر ، وذلك المصدرُ في محل المفعول ل " وَدُّوا " ، وحينئذ فلا جوابَ لها ، والتقدير : وَدُّوا كفركم ، وعلى الثاني يكون مفعولُ " وَدَّ " محذوفاً " ، وجوابُ " لو " أيضاً " محذوف ، لدلالةِ المعنى عليهما ، والتقدير : وَدُّوا كفركم لو تكفرون كما كفروا لسُرُّوا بذلك .
و " كما كفروا " نعتٌ لمصدر محذوف تقديره : كفراً مثلَ كفرهم ، أو حالٌ من ضمير ذلك المصدر كما هو مذهب سيبويه ، / و " فتكونوا " عطف على " تكفرون " والتقدير : وَدُّوا كفركم فكونَكم مستوين معهم في شَرْعهم . قال الزمخشري : " ولو نُصِب على جوابِ التمني لجاز " وجعل الشيخ فيه نظراً من حيث إن النصبَ في جواب التمني إذا كان التمني بلفظ الفعل يَحْتاج إلى سماع من العرب ، بل لو جاء لم تتحقَّقَ فيه الجوابيةُ ، لأنَّ " ودَّ " التي بمعنى التمني متعلقها المصادر لا الذوات ، فإذا نصب الفعل بعد الفاء لم يتعيَّنْ أن تكون فاءَ جواب ، لاحتمال أن يكونَ من باب عطف المصدر المقدر على المصدر الملفوظ به فيكون من باب :
لَلُبْس عباءةٍ وتَقَرَّ عيني *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يعني كأنَّ المصدر المفعولَ ب " يود " ملفوظٌ به ، والمصدرُ المقدَّرُ ب " أن " والفعلِ عطفٌ عليه ، فَجَعَلَ المصدرَ المحذوفَ ملفوظاً به في مقابلةِ المقدِّرِ ب " أَنْ " والفعلِ ، وإلاَّ فالمصدرُ المحذوفُ ليس ملفوظاً به إلا بهذا التأويلِ المذكورِ ، بل المنقولُ أنَّ الفعلَ ينتصبُ على جوابِ التمني إذا كان بالحرفِ نحو " ليت " ، و " لو " و " ألا " إذا أُشْربتا معنى التمني . وفيما قاله الشيخ نظر ؛ لأن الزمخشري لم يَعْنِ بالتمني المفهومَ من فعل الوَدادةِ ، بل المفهومَ من لفظ " لو " المشعرةِ بالتمني ، وقد جاء النصب في جوابها كقوله : { فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ } [ الشعراء : 102 ] ، وقد قَدَّمْتُ تحقيقَ هذه المسألةِ ، فقد ظَهَر ما قاله الزمخشري من غير توقُّفٍ . " وسواءً " خبر " تكونون " وهو في الأصل مصدرٌ واقعٌ موقعَ اسمِ الفاعلِ بمعنى مُسْتوين ؛ ولذلك وُحِّد نحو : " رجال عَدْلٌ " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.