تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن يُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخۡسٗا وَلَا رَهَقٗا} (13)

{ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى } وهو القرآن الكريم ، الهادي إلى الصراط المستقيم ، وعرفنا هدايته وإرشاده ، أثر في قلوبنا ف { آمَنَّا بِهِ } .

ثم ذكروا ما يرغب المؤمن فقالوا : { فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ } إيمانا صادقا { فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا } أي : لا نقصا ولا طغيانا ولا أذى يلحقه{[1251]} ، وإذا سلم من الشر حصل له الخير ، فالإيمان سبب داع إلى حصول كل خير وانتفاء كل شر .


[1251]:- في ب: فقالوا: "فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا" أي: من آمن به إيمانا صادقا فلا عليه نقص ولا أذى يلحقه.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن يُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخۡسٗا وَلَا رَهَقٗا} (13)

{ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ } يفتخرون بذلك ، وهو مفخر{[29380]} لهم ، وشرف رفيع وصفة حسنة .

وقولهم : { فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا } قال ابن عباس ، وقتادة ، وغيرهما : فلا يخاف أن يُنقص من حسناته أو يحمل عليه غير سيئاته ، كما قال تعالى : { فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا } [ طه : 112 ]


[29380]:- (7) في أ : "وهو مفتخر".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن يُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخۡسٗا وَلَا رَهَقٗا} (13)

وأنا لما سمعنا الهدى أي القرآن آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف فهو لا يخاف وقرىء فلا يخف والأول أدل على تحقيق نجاة المؤمنين واختصاصها بهم بخسا ولا رهقا نقصا في الجزاء ولا أن يرهقه ذلة أو جزاء بخس لأنه لم يبخس لأحد حقا ولم يرهق ظلما لأن من حق المؤمن بالقرآن أن يجتنب ذلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن يُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخۡسٗا وَلَا رَهَقٗا} (13)

قرأ الجمهور وأبو جعفر بكسر الهمزة . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص وخلف بفتحها عطفاً على المجرور في قوله : { فآمنا به } [ الجن : 2 ] .

والمقصود بالعطف قوله : { فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً } ، وأما جملة { لما سمعنا الهدى ءامنَّا به } فتوطئة لذلك .

بعد أن ذكروا قومهم بعذاب الله في الدنيا أو اطمأنوا بتذكُّر ذلك في نفوسهم ، عادوا إلى ترغيبهم في الإِيمان بالله وحده ، وتحذيرهم من الكفر بطريق المفهوم . وأريد بالهدى القرآن إذ هو المسموع لهم ووصفوه بالهدى للمبالغة في أنه هاد .

ومعنى { يؤمن بربه ، } أي بوجوده وانفراده بالإِلهية كما يشعر به إحضار اسمه بعنوان الرب إذ الرب هو الخالق فما لا يخلق لا يعبد .

وجملة { فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً } يجوز أن تكون من القول المحكي عن الجن . ويجوز أن تكون كلاماً من الله موجهاً للمشركين وهي معترضة بين الجملتين المتعاطفتين .

والبخس : الغبن في الأجر ونحوه .

والرهَق : الإِهانة ، أي لا يخشى أن يبخس في الجزاء على إيمانه ولا أن يهان . وفهم منه أن من لا يؤمن يُهان بالعذاب . والخلاف في كسر همزة { إنا } وفتحها كالخلاف في التي قبلها .

وجملة { فلا يخاف بخساً ولا رهقاً } جواب لِشرط ( مَن ) جعلت بصورة الجملة الاسمية فقرنت بالفاء مع أن ما بعد الفاء فعل ، وشأن جواب الشرط أن لا يقترن بالفاء إلاّ إذا كان غيرَ صالح لأن يكون فعل الشرط فكان اقترانه بالفاء وهو فعل مضارع مشيراً إلى إرادة جعله خبر مبتدأ محذوف بحيث تكون الجملة اسمية ، والاسمية تقترن بالفاء إذا وقعت جواب شرط ، فكان التقدير هنا : فهو لا يخاف ليكون دَالاً على تحقيق سلامته من خوف البخس والرهق ، وليدل عل اختصاصه بذلك دون غيره الذي لا يؤمن بربه ، فتقدير المسند إليه قبل الخبر الفعلي يقتضي التخصيص تارة والتقوي أخرى وقد يجتمعان كما تقدم في قوله تعالى : { الله يستهزىء بهم } [ البقرة : 15 ] . واجتمعا هنا كما أشار إليه في « الكشاف » بقوله : فكان دالاً على تحقيق أن المؤمن ناج لا محالة وأنه هو المختص بذلك دون غيره . وكلام « الكشاف » اقتصر على بيان مزية الجملة الاسمية وهو يقتضي توجيه العدول عن جزم الفعل لأجل ذلك .

وقد نقول : إن العدول عن تجريد الفعل من الفاء وعن جزمه لدفع إيهام أن تكون { لا } ناهية ، فهذا العدول صراحة في إرادة الوعد دون احتمال إرادة النهي .

وفي « شرح الدماميني على التسهيل » : أن جواب الشرط إذا كان فعلاً منفياً ب ( لا ) يجوز الاقتران بالفاء وتركه . ولم أره لغيره وكلام « الكشاف » يقتضي أن الاقتران بالفاء واجب إلاّ إذا قصدت مزية أخرى .