{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا }
يخبر تعالى : أنه لا يغفر لمن أشرك به أحدا من المخلوقين ، ويغفر ما دون الشرك{[210]} من الذنوب صغائرها وكبائرها ، وذلك عند مشيئته مغفرة ذلك ، إذا اقتضت حكمتُه مغفرتَه .
فالذنوب التي دون الشرك قد جعل الله لمغفرتها أسبابا كثيرة ، كالحسنات الماحية والمصائب المكفرة في الدنيا ، والبرزخ ويوم القيامة ، وكدعاء المؤمنين بعضهم لبعض ، وبشفاعة الشافعين . ومن فوق ذلك كله رحمته التي أحق بها أهل الإيمان والتوحيد .
وهذا بخلاف الشرك فإن المشرك قد سد على نفسه أبواب المغفرة ، وأغلق دونه أبواب الرحمة ، فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد ، ولا تفيده المصائب شيئا ، وما لهم يوم القيامة { مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ }
ولهذا قال تعالى : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } أي : افترى جرما كبيرا ، وأي : ظلم أعظم ممن سوى المخلوق -من تراب ، الناقص من جميع الوجوه ، الفقير بذاته من كل وجه ، الذي لا يملك لنفسه- فضلا عمن عبده -نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا- بالخالق لكل شيء ، الكامل من جميع الوجوه ، الغني بذاته عن جميع مخلوقاته ، الذي بيده النفع والضر والعطاء والمنع ، الذي ما من نعمة بالمخلوقين إلا فمنه تعالى ، فهل أعظم من هذا الظلم شيء ؟
ولهذا حتم على صاحبه بالخلود بالعذاب وحرمان الثواب { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ } وهذه الآية الكريمة في حق غير التائب ، وأما التائب ، فإنه يغفر له الشرك فما دونه كما قال تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } أي : لمن تاب إليه وأناب .
ثم أخبر تعالى : أنه { لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ } أي : لا يغفر لعبد لقيه وهو مشرك به { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } أي : من الذنوب { لِمَنْ يَشَاءُ } أي : من عباده .
وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية الكريمة ، فلنذكر منها ما تيسر : الحديث الأول : قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، أخبرنا صدقة بن موسى ، حدثنا أبو عمران الجوني ، عن يزيد بن بابنوس{[7670]} عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدواوين عند الله ثلاثة ؛ ديوان لا يعبأ الله به شيئا ، وديوان لا يترك الله منه شيئا ، وديوان لا يغفره الله . فأما الديوان الذي لا يغفره الله ، فالشرك بالله ، قال الله عز وجل : { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ } [ المائدة : 72 ] وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا ، فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه ، من صوم يوم تركه ، أو صلاة تركها ؛ فإن الله يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء . وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا ، فظلم العباد بعضهم بعضا ؛ القصاص لا محالة " .
تفرد به أحمد{[7671]} .
الحديث الثاني : قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا أحمد بن مالك ، حدثنا زائدة بن أبي الرقاد ، عن زياد النمري ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الظلم ثلاثة ، فظلم لا يغفره الله ، وظلم يغفره الله ، وظلم لا يتركه الله : فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك ، وقال{[7672]} { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [ لقمان : 13 ]وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم العباد لأنفسهم فيما بينهم وبين ربهم ، وأما الظلم الذي لا يتركه{[7673]} فظلم العباد بعضهم بعضا ، حتى يدين لبعضهم من بعض " {[7674]} .
الحديث الثالث : قال الإمام أحمد : حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا ثور بن يزيد ، عن أبي{[7675]} عون ، عن أبي إدريس قال : سمعت معاوية يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل ذنب عسى الله أن يغفره ، إلا الرجل يموت كافرًا ، أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا " .
رواه النسائي ، عن محمد بن مثنى ، عن صفوان بن عيسى ، به{[7676]} .
الحديث الرابع : قال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا عبد الحميد ، حدثنا شهر ، حدثنا ابن غنم{[7677]} أن أبا ذر حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يقول : يا عبدي ، ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان فيك ، يا{[7678]} عبدي ، إنك إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة ما لم تشرك بي ، لقيتك بقرابها مغفرة " .
تفرد به أحمد من هذا الوجه{[7679]} .
الحديث الخامس : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا أبي ، حدثنا حسين ، عن ابن بريدة أن يحيى بن يعمر حدثه ، أن أبا الأسود الديلي حدثه ، أن أبا ذر حدثه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ما من عبد قال : لا إله إلا الله . ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة " قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : " وإن زنى وإن سرق " قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : " وإن زنى وإن سرق " . ثلاثا ، ثم قال في الرابعة : " على رغم أنف أبي ذر " ! قال : فخرج أبو ذر وهو يجر إزاره وهو يقول : وإن رغم أنف أبي ذر " . وكان أبو ذر يحدث بهذا بعد ويقول : وإن رغم أنف أبي ذر .
أخرجاه من حديث حسين ، به{[7680]} .
طريق أخرى عنه : قال [ الإمام ]{[7681]} أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر قال : " كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة عشاء ، ونحن ننظر إلى أحد ، فقال : " يا أبا ذر " . فقلت : لبيك يا رسول الله ، [ قال ]{[7682]} ما أحب أن لي أحدا ذاك عندي ذهبا أمسي ثالثة وعندي منه دينار ، إلا دينارا أرصده - يعني لدين - إلا أن أقول به في عباد الله هكذا " . وحثا عن يمينه وبين يديه وعن يساره . قال : ثم مشينا فقال : " يا أبا ذر ، إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا " . فحثا عن يمينه ومن بين يديه وعن يساره . قال : ثم مشينا فقال : " يا أبا ذر ، كما أنت حتى آتيك " . قال : فانطلق حتى توارى عني . قال : فسمعت لغطا{[7683]} فقلت : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض له . قال فهممت أن أتبعه ، ثم ذكرت قوله : " لا تبرح حتى آتيك " فانتظرته حتى جاء ، فذكرت له الذي سمعت ، فقال : " ذاك جبريل أتاني فقال : من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة " . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : " وإن زنى وإن سرق " .
أخرجاه في الصحيحين من حديث الأعمش ، {[7684]} به .
وقد رواه البخاري ومسلم أيضا كلاهما ، عن قتيبة ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر قال : خرجت ليلة من الليالي ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده ، ليس معه إنسان ، قال : فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد . قال : فجعلت أمشي في ظل القمر ، فالتفت فرآني ، فقال : " من هذا ؟ " فقلت : أبو{[7685]} ذر ، جعلني الله فداك . قال : " يا أبا ذر ، تعال " . قال : فمشيت معه ساعة فقال : " إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيرا فنفخ فيه عن يمينه وشماله ، وبين يديه وورائه ، وعمل فيه خيرا " . قال : فمشيت معه ساعة فقال لي : " اجلس هاهنا " ، قال : فأجلسني في قاع حوله حجارة ، فقال لي : " اجلس هاهنا حتى أرجع إليك " . قال : فانطلق في الحرة حتى لا أراه ، فلبث عني فأطال اللبث ، ثم إني سمعته وهو مقبل ، وهو يقول : " وإن سرق وإن زنى " . قال : فلما جاء لم أصبر حتى قلت : يا نبي الله ، جعلني الله فداءك ، من تكلم في جانب الحرة ؟ ما سمعت أحدا يرجع إليك شيئا . قال : " ذاك جبريل ، عرض لي من{[7686]} جانب الحرة فقال : بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة . قلت : يا جبريل ، وإن سرق وإن زنى ؟ قال : نعم قلت : وإن سرق وإن زنى ؟ قال : نعم . قلت : وإن سرق وإن زنى ؟ قال : نعم ، وإن شرب الخمر " {[7687]} .
الحديث السادس : قال عبد بن حميد في مسنده : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : جاء رجل إلى رسول الله{[7688]} صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما الموجبتان{[7689]} ؟ قال : " من مات لا يشرك بالله شيئا وجبت له الجنة ، ومن مات يشرك بالله شيئا وجبت له النار " . وذكر تمام الحديث . تفرد به من هذا الوجه{[7690]} .
طريق أخرى : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن عمرو بن خلاد الحراني ، حدثنا منصور بن إسماعيل القرشي ، حدثنا موسى بن عبيدة ، الربذي ، أخبر{[7691]} عبد الله بن عبيدة ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من نفس تموت ، لا تشرك بالله شيئا ، إلا حلت لها المغفرة ، إن شاء الله عذبها ، وإن شاء غفر لها : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }{[7692]} .
ورواه الحافظ أبو يعلى في مسنده ، من حديث موسى بن عبيدة ، عن أخيه عبد الله بن عبيدة ، عن جابر ؛ أن النبي{[7693]} صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال المغفرة على العبد ما لم يقع الحجاب " . قيل : يا نبي الله ، وما الحجاب ؟ قال : " الإشراك بالله " . قال : " ما من نفس تلقى الله لا تشرك به شيئا إلا حلت لها المغفرة من الله تعالى ، إن يشأ أن يعذبها ، وإن يشأ أن يغفر لها غفر لها " . ثم قرأ نبي الله : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }{[7694]} .
الحديث السابع : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا زكريا ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة " .
تفرد به من هذا الوجه{[7695]} .
الحديث الثامن : قال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو قبيل ، عن عبد الله بن ناشر{[7696]} من بني سريع قال : سمعت أبا رهم قاص أهل الشام يقول : سمعت أبا أيوب الأنصاري يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم إليهم ، فقال لهم : " إن ربكم ، عز وجل ، خيرني بين سبعين ألفا يدخلون الجنة عفوا{[7697]} بغير حساب ، وبين الخبيئة عنده لأمتي " . فقال له بعض أصحابه : يا رسول الله ، أيخبأ ذلك ربك ؟ فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج وهو يكبر ، فقال : " إن ربي زادني مع كل ألف سبعين ألفا والخبيئة عنده " قال أبو رهم : يا أبا أيوب ، وما تظن خبيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأكله الناس بأفواههم فقالوا : وما أنت وخبيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! فقال أبو أيوب : دعوا الرجل عنكم ، أخبركم عن خبيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أظن ، بل كالمستيقن . إن خبيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول : من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله مصدقا لسانه قلبه أدخله{[7698]} الجنة " {[7699]} .
الحديث التاسع : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا المؤمل بن الفضل الحراني ، حدثنا عيسى بن يونس( ح ) وأخبرنا هاشم بن القاسم الحراني - فيما كتب إلي - قال : حدثنا عيسى بن يونس نفسه ، عن واصل بن السائب الرقاشي ، عن أبي سورة ابن أخي أبي أيوب ، عن أبي أيوب الأنصاري قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام . قال : " وما دينه ؟ " قال : يصلي ويوحد الله تعالى . قال " استوهب منه دينه ، فإن أبى فابتعه منه " . فطلب الرجل ذاك منه فأبى عليه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : وجدته شحيحا في{[7700]} دينه . قال : فنزلت : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }{[7701]} .
الحديث العاشر : قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا عمرو بن الضحاك ، حدثنا أبي ، حدثنا مستور أبو همام الهنائي ، حدثنا ثابت عن أنس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما تركت حاجة ولا ذا حاجة إلا قد أتيت . قال : " أليس تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؟ " ثلاث مرات . قال : نعم . قال : " فإن ذلك يأتي على ذلك كله " {[7702]} .
الحديث الحادي عشر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر ، حدثنا عكرمة بن عمار ، عن ضمضم بن جوس اليمامي{[7703]} قال : قال لي أبو هريرة : يا يمامي{[7704]} لا تقولن لرجل : والله لا يغفر الله لك . أو لا{[7705]} يدخلك الجنة أبدا . قلت : يا أبا هريرة{[7706]} إن هذه كلمة يقولها أحدنا لأخيه وصاحبه إذا غضب قال : لا تقلها ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كان في بني إسرائيل رجلان كان أحدهما مجتهدا في العبادة ، وكان الآخر مسرفا على نفسه ، وكانا متآخيين{[7707]} وكان المجتهد لا يزال يرى الآخر على ذنب ، فيقول : يا هذا أقصر . فيقول : خلني وربي ! أبعثت علي رقيبا ؟ قال : إلى أن رآه يوما على ذنب استعظمه ، فقال له : ويحك ! أقصر ! قال : خلني وربي ! أبعثت علي رقيبا ؟ فقال : والله
لا يغفر الله لك - أو لا يدخلك الجنة أبدا - قال : فبعث الله إليهما ملكا فقبض أرواحهما واجتمعا عنده ، فقال للمذنب : اذهب فادخل الجنة برحمتي . وقال للآخر : أكنت بي عالما ؟ أكنت على ما في يدي قادرا ؟ اذهبوا به إلى النار . قال : فوالذي نفس أبي القاسم بيده لتكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته " .
ورواه أبو داود ، من حديث عكرمة بن عمار ، حدثني ضمضم بن جوش ، به{[7708]} .
الحديث الثاني عشر : قال الطبراني : حدثنا أبو شيخ عن محمد بن الحسن بن عجلان الأصبهاني ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله عز وجل : من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي ، ما لم يشرك بي شيئا " {[7709]} .
الحديث الثالث عشر : قال الحافظ أبو بكر البزار والحافظ أبو يعلى [ الموصلي ]{[7710]} حدثنا هدبة - هو ابن خالد - حدثنا سهل بن أبي حزم ، عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ، ومن توعده{[7711]} على عمل عقابا فهو فيه بالخيار " . تفردا به{[7712]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا بحر بن نصر الخولاني ، حدثنا خالد - يعني ابن عبد الرحمن الخراساني - حدثنا الهيثم بن جمار{[7713]} عن سلام بن أبي مطيع ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن ابن عمر قال : كنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نشك في قاتل النفس ، وآكل مال اليتيم ، وقاذف{[7714]} المحصنات ، وشاهد الزور ، حتى نزلت هذه الآية : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } فأمسك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة .
ورواه ابن جرير من حديث الهيثم بن حماد{[7715]} به{[7716]} .
وقال ابن أبي حاتم أيضا : حدثنا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن المقري{[7717]} حدثنا عبد الله بن عاصم ، حدثنا صالح - يعني المري أبو بشر - عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في الكتاب ، حتى نزلت علينا هذه الآية : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } قال : فلما سمعناها كففنا عن الشهادة ، وأرجينا الأمور إلى الله ، عز وجل{[7718]} .
وقال البزار : حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا شيبان بن أبي شيبة ، حدثنا حرب بن سُرَيج ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر [ رضي الله عنهما ]{[7719]} قال : كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر ، حتى سمعنا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } وقال : " أخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة " .
وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، أخبرني مجبر ، عن عبد الله بن عمر أنه قال : لما نزلت : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ [ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ]{[7720]} } [ الزمر : 53 ] ، قام رجل فقال : والشرك بالله يا نبي الله ؟ فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا }
رواه ابن جرير . وقد رواه ابن مردويه من طرق عن ابن عمر{[7721]} .
وهذه الآية التي في سورة " تنزيل " مشروطة بالتوبة ، فمن تاب من أي ذنب وإن تكرر منه تاب الله عليه ؛ ولهذا قال : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [ الزمر : 53 ]أي : بشرط التوبة ، ولو لم يكن كذلك لدخل الشرك فيه ، ولا يصح ذلك ، لأنه ، تعالى ، قد حكم هاهنا بأنه لا يغفر الشرك ، وحكم بأنه يغفر ما عداه لمن يشاء ، أي : وإن لم يتب صاحبه ، فهذه أرجى من تلك من هذا الوجه ، والله أعلم .
وقوله : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } كقوله { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [ لقمان : 13 ] ، وثبت في الصحيحين ، عن ابن مسعود أنه قال : قلت : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم ؟ قال : " أن تجعل لله ندا وهو خلقك . . . " وذكر تمام الحديث .
وقال ابن مردويه : حدثنا إسحق بن إبراهيم بن زيد ، حدثنا أحمد بن عمرو ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا معن ، حدثنا سعيد{[7722]} بن بشير حدثنا قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ؛ أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قال : " أخبركم بأكبر الكبائر : الشرك بالله " {[7723]} ثم قرأ : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } وعقوق الوالدين " . ثم قرأ : { أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }{[7724]} .
{ إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَىَ إِثْماً عَظِيماً } . .
يعني بذلك جلّ ثناؤه : يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزّلنا مصدّقا لمِا معكم ، وإن الله لا يغفر أن يشرك به ، فإن الله لا يغفر الشرك به والكفر ، ويغفر ما دون ذلك الشرك لمن يشاء من أهل الذنوب والاَثام . وإذ كان ذلك معنى الكلام ، فإن قوله : { أنْ يُشْركَ بهِ } في موضع نصب بوقوع يغفر عليها وإن شئت بفقد الخافض الذي كان يخفضها لو كان ظاهرا ، وذلك أن يوجه معناه : إلى أن الله لا يغفر بأن يشرك به على تأويل الجزاء ، كأنه قيل : إن الله لا يغفر ذنبا مع شرك أو عن شرك¹ وعلى هذا التأويل يتوجه أن تكون «أن » في موضع خفض في قول بعض أهل العربية . وذكر أن هذه الاَية نزلت في أقوام ارتابوا في أمر المشركين حين نزلت : { يا عِبادِيَ الّذِينَ أسْرَفُوا على أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إنّ اللّهَ يَغْفِرُ الذّنُوبَ جمِيعا إنّهُ هُوَ الغَفُورُ الرّحِيمُ } . ذكر الخبر بذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قال : ثني محبر ، عن عبد الله بن عمر ، أنه قال : لما نزلت : { يا عِبادِيَ الّذِينَ أسْرَفُوا على أنْفُسهِمْ } . . . الاَية ، قام رجل فقال : والشرك يا نبيّ الله . فكره ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : { إنّ اللّهِ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ باللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إثما عَظِيما } .
حُدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، في قوله : { إنّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشاءُ } قال : أخبرني محبر ، عن عبد الله بن عمر أنه قال : لما نزلت هذه الاَية : { يا عِبادِيَ الّذِينَ أسْرَفُوا على أنْفُسِهِمْ } . . . الاَية ، قام رجل فقال : والشرك يا نبيّ الله . فكره ذلك النبيّ ، فقال : { إنّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشاءُ } .
حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا الهيثم بن حماد ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله المزني ، عن ابن عمر ، قال : كنا معشر أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم لا نشكّ في قاتل النفس ، وأكل مال اليتيم ، وشاهد الزور ، وقاطع الرحم ، حتى نزلت هذه الاَية : { إنّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشاءُ } فأمسكنا عن الشهادة .
وقد أبانت هذه الاَية أن كل صاحب كبيرة ففي مشيئة الله ، إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عاقبه عليه ما لم تكن كبيرة شركا بالله .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَنْ يُشْرِكُ باللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إثما عَظِيما } .
يعني بذلك جلّ ثناؤه : ومن يشرك بالله في عبادته غيره من خلقه ، فقد افترى إثما عظيما ، يقول : فقد اختلق إثما عظيما . وإنما جعله الله تعالى ذكره مفتريا ، لأنه قال زورا وإفكا بجحوده وحدانية الله وإقراره بأن لله شريكا من خلقه وصاحبة أو ولدا ، فقائل ذلك مفتر ، وكذلك كلّ كاذب فهو مفتر في كذبه مختلق له .
{ إن الله لا يغفر أن يشرك به } لأنه بت الحكم على خلود عذابه وأن ذنبه لا ينمحي عنه أثره فلا يستعد للعفو بخلاف غيره . { ويغفر ما دون ذلك } أي ما دون الشرك صغيرا كان أو كبيرا . { لمن يشاء } تفضلا عليه وإحسانا . والمعتزلة علقوه بالفعلين على معنى إن الله لا يغفر الشرك لمن يشاء . وهو من لم يتب ويغفر ما دونه لمن يشاء وهو من تاب . وفيه تقييد بلا دليل إذ ليس عموم آيات الوعيد بالمحافظة أولى منه ونقض لمذهبهم فإن تعليق الأمر بالمشيئة ينافي وجوب التعذيب قبل التوبة والصفح بعدها ، فالآية كما هي حجة عليهم فهي حجة على الخوارج الذين زعموا أن كل ذنب شرك وأن صاحبه خالد في النار . { ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما } ارتكب ما يستحقر دونه الآثام ، وهو إشارة إلى المعنى الفارق بينه وبين سائر الذنوب ، والافتراء كما يطلق على القول يطلق على الفعل وكذلك الاختلاق .
وقوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به } الآية ، هذه مسألة الوعد والوعيد ، وتلخيص الكلام فيها أن يقال : الناس أربعة أصناف ، كافر مات على كفره ، فهذا مخلد في النار بإجماع ، ومؤمن محسن لم يذنب قطّ ومات على ذلك ، فهذا في الجنة محتوم عليه حسب الخبر من الله تعالى بإجماع ، وتائب مات على توبته فهو عند أهل السنة وجمهور فقهاء الأمة لاحق بالمؤمن المحسن إلا أن قانون المتكلمين أنه في المشيئة ، ومذنب مات قبل توبته ، فهذا موضع الخلاف ، فقالت المرجئة : هو في الجنة بإيمانه ولا تضره سيئاته ، وبنوا هذه المقالة على أن جعلوا آيات الوعيد كلها مخصصة في الكفار ، وآيات الوعد عامة في المؤمنين ، تقيّهم وعاصيهم .
وقالت المعتزلة : إذا كان صاحب كبيرة فهو في النار ولا بد ، وقالت الخوارج : إذا كان صاحب كبيرة أو صغيرة فهو في النار مخلد ولا إيمان له ، لأنهم يرون كل الذنوب كبائر ، وبنوا هذه المقالة على أن جعلوا آيات الوعد كلها مخصصة في المؤمن المحسن الذي لم يعص قط ، والمؤمن التائب ، وجعلوا آيات الوعيد عامة في العصاة كفاراً أو مؤمنين ، وقال أهل السنة والحق : آيات الوعد ظاهرة العموم ، وآيات الوعيد ظاهرة العموم ، ولا يصح نفوذ كلها لوجهه بسبب تعارضها ، كقوله تعالى : { لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى }{[4094]} وهذه الآية هي الحاكمة ببيان ما تعارض من آيات الوعد والوعيد وقوله : { ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم }{[4095]} فلا بد أن نقول : إن آيات الوعد لفظها لفظ عموم ، والمراد بها الخصوص في المؤمن المحسن ، وفي التائب ، وفيمن سبق في علمه تعالى العفو عنه دون تعذيب من العصاة ، وأن آيات الوعيد لفظها عموم ، والمراد بها الخصوص في الكفرة وفيمن سبق في علمه تعالى أنه يعذبه من العصاة ، ونحكم بقولنا : هذه الآية النص في موضع النزاع ، وهي قوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فإنها جلت الشك وردت على الطائفتين ، المرجئة والمعتزلة ، وذلك أن قوله تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به } فصل مجمع عليه ، وقوله : { ويغفر ما دون ذلك } فصل قاطع بالمعتزلة راد على قولهم رداً لا محيد عنه ، ولو وقفنا في هذا الموضع من الكلام لصح قول المرجئة ، فجاء قوله { لمن يشاء } راداً عليهم ، موجباً أن غفران ما دون الشرك إنما هو لقوم دون قوم ، بخلاف ما زعموه من أنه مغفور لكل مؤمن .
قال القاضي أبو محمد : ورامت المعتزلة أن ترد هذه الآية إلى قولها ، بأن قالوا : «من يشاء » هو التائب ، وما أرادوه فاسد ، لأن فائدة التقسيم في الآية كانت تبطل ، إذ التائب من الشرك يغفر له .
قال القاضي أبو محمد : ورامت المرجئة أن ترد الآية إلى قولها بأن قالوا : { لمن يشاء } معناه : يشاء أن يؤمن ، لا يشاء أن يغفر له ، فالمشيئة معلقة بالإيمان ممن يؤمن ، لا بغفران الله لمن يغفر له ، ويرد ذلك بأن الآية تقتضي على هذا التأويل أن قوله : { ويغفر ما دون ذلك } عام في كافر ومؤمن ، فإذا خصص المؤمنون بقوله { لمن يشاء } وجب أن الكافرين لا يغفر لهم ما دون ذلك ، ويجازون به .
قال القاضي أبو محمد : وذلك وإن كان مما قد قيل - فهو مما لم يقصد بالآية على تأويل أحد من العلماء ، ويرد على هذا المنزع بطول التقسيم ، لأن الشرك مغفور أيضاً لمن شاء الله أن يؤمن .
قال القاضي أبو محمد : ومن آيات الوعيد التي احتج بها المعتزلة ، قوله تعالى : { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً }{[4096]} والآية مخرجة عنهم لوجوه ، منها : أن الأصح في تأويل قوله تعالى { متعمداً } ما قال ابن عباس : إنه أراد مستحلاً ، وإذا استحل أحد ما حرم الله عليه فقد كفر ، ويدل على ما قال ابن عباس : إنّا نجد الله تعالى في أمر القتل إذا ذكر القصاص لم يذكر الوعيد ، وإذا ذكر الوعيد بالنار لم يذكر القصاص ، فيظهر أن القصاص للقاتل المؤمن العاصي ، والوعيد للمستحل الذي في حكم الكافر ، ومنها من جهة أخرى أن الخلود إذا لم يقرن بقوله «أبداً » فجائز أن يراد به الزمن المتطاول ، إذ ذلك معهود في كلام العرب ، ألا ترى أنهم يحيّون الملوك بخلد الله ملكك ، ومن ذلك قول امرىء القيس : [ الطويل ]
وَهَلْ يَعِمَنْ إلاّ سعيدٌ مُخَلَّدٌ . . . قَليلُ الهمومِ ما يَبِيتُ بِأَوْجَالِ{[4097]}
وقال عبد الله بن عمرو لما نزلت { قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، إن الله يغفر الذنوب جميعاً }{[4098]} قال بعض أصحاب النبي عليه السلام : والشرك يا رسول الله ، فنزلت : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ولما حتم على أنه لا يغفر الشرك ذكر قبح موضعه وقدره في الذنوب ، والفرية : أشد مراتب الكذب قبحاً ، وهو الاختلاق للعصبية .