فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا} (48)

{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما }

في الصحيحين عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الظلم ثلاثة فظلم لا يغفره الله وظلم يغفره الله وظلم لا يترك الله منه شيئا فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك وقال : ( . . إن الشرك لظلم عظيم ) ( {[1419]} ) وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم العباد لأنفسهم فيما بينهم وبين ربهم وأما الظلم الذي لا يتركه فظلم العباد بعضهم بعضا حتى يدين لبعضهم من بعض " ؛ وعن أبي ذر قال : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة- حجارة صلبة سوداء- عشاء ونحن ننظر إلى أحد ، فقال : " يا أبا ذر " قلت : لبيك يا رسول الله . قال : " ما أحب أن لي أحد ذاك عندي ذهبا أمسي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده- يعني لدين- إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا " فحثا عن يمينه وعن يساره وبين يديه ، قال : ثم مشينا فقال : " يا أبا ذر إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا " فحثا عن يمينه ومن بين يديه وعن يساره قال : ثم مشينا ، فقال : " يا أبا ذر كما أنت حتى آتيك " ، قال : فانطلق حتى توارى عني ، قال : فسمعت لغطا ، فقلت : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض له ، قال : فهممت أن أتبعه ، قال : فذكرت قوله : " لا تبرح حتى آتيك " فانتظرته حتى جاء ، فذكرت له الذي سمعت فقال : " ذاك جبريل أتاني فقال من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة " ، قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : وإن زنى وإن سرق " ( {[1420]} ) ؛ فالكافرون الذين يموتون على كفرهم لا يُغفر لهم والنار مأواهم ومصيرهم ، يخلدون فيها وهي حسبهم ؛ ومن أجرم جريمة دون الشرك فهو إلى مشيئة الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه ؛ ذلك أن الكفر والجحود إنكار لأصول الدين ، وخروج على فطرة رب العالمين .


[1419]:سورة لقمان. من الآية 13.
[1420]:رواه أحمد والشيخان.