قوله تعالى : { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } أي دون الشرك { لِمَن يَشَاء } يعني لمن مات موحداً نزلت الآية في شأن وحشي قاتل حمزة ، وذلك أن الناس لما التقوا يوم أحد وقد جعل لوحشي جزاء إن قتل حمزة فقتله ، لم يوف له ، فلما قدم مكة ندم على صنعه الذي صنع هو وأصحابه معه ، فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً إنا قد ندمنا على ما صنعنا ، وإنه ليس يمنعنا من الدخول معك إلا أنا سمعناك تقول : إذ كنت عندنا بمكة { والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها أخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ آثاما } [ سورة الفرقان : 68 ] إلى قوله { يضاعف لَهُ العذاب يَوْمَ القيامة وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً } [ سورة الفرقان : 69 ] وقد دعونا مع الله إلهاً آخر ، وقتلنا النفس ، وزنينا ، فلولا هذه الآيات لاتبعناك ، فنزل { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالحا فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } [ سورة مريم : 60 ] فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآيات إلى وحشي وأصحابه ، فلما قرؤوا كتبوا إليه أن هذا شرط شديد ، فنخاف ألا نعمل عملاً صالحاً فلا نكون من أهل هذه الآية . فنزل { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } فبعث إليهم فقرؤوها ، فبعثوا إليه فقالوا : إن في هذه الآية شرطاً أيضاً نخاف ألا نكون من أهل مشيئته ، فنزل قوله
{ قُلْ يا عبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم } [ سورة الزمر : 53 ] فبعثها إليهم ، فلما قرؤوها وجدوها أوسع مما كان قبلها ، فدخل هو وأصحابه في الإسلام . وروي عن ابن عمر أنه قال : كنا إذا مات الرجل منا على كبيرة ، شهدنا أنه من أهل النار حتى نزلت هذه الآية : { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } فأمسكنا عن الشهادة . وهذه الآية رد على من يقول : إن من مات على كبيرة يخلد في النار ، لأن الله تعالى قد ذكر في آية أخرى { وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار وَزُلَفاً مِّنَ الليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ذلك ذكرى للذاكرين } [ سورة هود : 114 ] يعني ما دون الكبائر ، فلم يبق لهذه المشيئة موضع سوى الكبائر . ثم قال تعالى : { وَمَن يُشْرِكْ بالله فَقَدِ افترى إِثْماً عَظِيماً } يعني اختلق على الله كذباً عظيماً . ويقال : فقد أذنب ذنباً عظيماً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.