ثم بين أن مثل هذا التهديد من خواص الشرك والكفر فقال : { إن الله لا يغفر } الآية . وفي الآية دلالة على أن اليهودي يسمى مشركاً في عرف الشرع لاتصالها بقصتهم ، ولأنها دلت على أن ما سوى الشرك مغفور واليهودية غير مغفورة بالإجماع . ومن هنا قال الشافعي : المسلم لا يقتل بالذمي لأن الذمي مشرك ، والمشرك المباح الدم هو الذي لا يجب القصاص على قاتله ، ولا يتوجه النهي عن قتله ترك العمل بهذا الدليل في النهي فيبقى معمولاً به في سقوط القصاص عن قاتله . واستدلت الأشاعرة بالآية على غفران صاحب الكبيرة قبل التوبة لأن ما دون الشرك يشمله . والمعتزلة خصصوا الثاني بمن تاب كما أن الأول مخصص بالإجماع بمن لم يتب . قالوا : ونظيره قولك : " إن الأمير لا يبذل الدينار ويبذل القنطار لمن يشاء " . المعنى لا يبذل الدينار لمن لا يستأهله ، ويبذل القنطار لمن يستأهله . والمشيئة تكون قصداً في الفعلين : المنفي والمثبت جميعاً ، لأنه إن شاء لم يتب المشرك فلا يترتب عليه الغفران ، وإن شاء تاب صاحب الكبيرة فيستوجب الغفران . وروى الواحدي في البسيط بإسناده عن ابن عمر قال : كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات الرجل منا على كبيرة شهدنا أنه من أهل النار حتى نزلت هذه الآية فأمسكنا عن الشهادة . وقال ابن عباس بمحضر عمر : إني لأرجو كما لا ينفع مع الشرك عمل كذلك لا يضر مع التوحيد ذنب فسكت عمر . وعن ابن عباس : لما قتل وحشي حمزة يوم أحد وكانوا قد وعدوه الإعتاق إن هو فعل ذلك . ثم إنهم ما وفوا بذلك ندم هو وأصحابه فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ندمهم ، وأنه لا يمنعهم من الدخول في الإسلام إلاّ قوله تعالى :{ والذين لا يدعون مع الله إلهاً أخر }[ الفرقان :68 ] فقالوا : قد ارتكبنا كل ما في الآية فنزل قوله :{ إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً }[ الفرقان :70 ] فقالوا : هذا شرط شديد نخاف أن لا نقوم به فنزل { إنّ الله لا يغفر أن يشرك به } فقالوا : نخاف أن لا نكون من أهل مشيئته فنزل
{ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم }[ الزمر :53 ] فدخلوا عند ذلك في الإسلام . { ومن يشرك بالله فقد افترى } اختلق وافتعل { إثماً عظيماً } لأنه ادعى ما لا يصح كونه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.