التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا} (48)

قوله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما )قال الشيخ الشنقيطي : ذكر في هذه الآية الكريمة أنه تعالى لا يغفر الإشراك به وأنه يغفر غير ذلك لمن يشاء وأن من أشرك به فقد افترى إثما عظيما . وذكر في مواضع

أخر أن محل كونه لا يغفر الإشراك به إذا لم يتب المشرك من ذلك فإن تاب غفر له كقوله ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا ) الآية فإن الاستثناء راجع لقوله ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) وما عطف عليه لأن معنى الكل جمع في قوله ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) الآية وقوله ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) وذكر في موضع آخر أن من أشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا عن الحق وهو قوله في هذه السورة الكريمة أيضا ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ) وصرح بأن من أشرك بالله فالجنة عليه حرام ومأواه النار بقوله ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ) وقوله ( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين ) .

قال البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة قال : حدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم -ومعاذ رديفه على الرحل

قال : " يا معاذ بن جبل " . قال : لبيك يا رسول الله وسعديك . قال : " يا معاذ "

قال : لبيك يا رسول الله وسعديك ( ثلاثا ) . قال : " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار " ،

قال : يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟ قال : " إذا يتكلوا " . وأخبر بها معاذ عند موته تآثمأ .

وقال البخاري : حدثنا مسدد قال حدثنا معتمر قال سمعت أبي قال سمعت أنسا قال : ذكر لي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة "

قال : ألا أبشر الناس ؟ قال : «لا ؛ إني أخاف أن يتكلوا

( الصحيح 1/272 و274 ح 128 ، 129- ك العلم ، ب من خص بالعلم قوما دون قوم . . . ) .

قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة . . حدثنا وكيع . حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . " يقول الله عز وجل : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد . ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها

أو أغفر . ومن تقرب مني شبرا ، تقربت منه ذراعا . ومن تقرب مني ذراعا ، تقربت منه باعا . ومن أتاني يمشي ، أتيته هرولة . ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا ، لقيته بمثلها مغفرة .

( الصحيح 4/2068 ح 2687- ك الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ، ب فضل الذكر والدعاء ، والتقرب إلى الله تعالى ) .

قال البخاري : حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، عن الحسين ، عن عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر حدثه ، أن أبا الأسود الديلي حدثه ، أن أبا ذر رضي الله عنه حدثه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم ، ثم أتيته وقد استيقظ ، فقال : " ما من عبد قال : لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة " . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : " وإن زنى وإن سرق " . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : " وإن زنى وإن سرق " . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : " وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر " . وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال : وإن رغم أنف أبي ذر .

قال أبو عبد الله : هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال : لا إله إلا الله ، غفر له .

( الصحيح 10/283( الفتح ح رقم 5827 ) - ك اللباس ، ب الثياب البيض ) . وأخرجه مسلم ( الصحيح 1/95ح 154- ك الإيمان ، ب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة . . . ) .

قال النسائي : أخبرنا محمد بن المثنى قال : حدثنا صفوان بن عيسى ، عن ثور ، عن أبي عون عن أبي إدريس قال : سمعت معاوية يخطب - وكان قليل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-قال سمعته يخطب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لكل ذنب عسى الله أن يغفره ، إلا الرجل يقتل المؤمن متعمدا ، أو الرجل يموت كافرا " .

( السنن 7/ 81 تحريم الدم ) . وأخرجه أحمد ( المسند 4/99 ) عن صفوان بن عيسى به . والحاكم ( المستدرك 4/351 ) من طريق بن قتيبة عن صفوان ، عن ثور به . قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي . وصححه الألباني ( صحيح النسائي ح 3719 ) .

وللحديث شواهد ، منها : عن أبي الدرداء ، أخرجه ابن حبان ( الإحسان 13/318ح 5980 ) . والحاكم ( المستدرك 4/ 51 3 ) وغيرهما من طرق عن عبد الله بن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ، وفيه : " . . . إلا من مات مشركا «قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ) وأخرج البزار : حديث عبادة بن الصامت نحوه ( المسند 7/163 ح 2730 ) وقال الهيثمي : رجاله ثقات ( مجمع الزوائد 7/296 ) .

وانظر حديث مسلم عن جابر الآتي عند الآية 90 من سورة النمل .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : ) إن الله لا يغفر أن يشرك به ) فحرم الله المغفرة على من مات وهو كافر ، وأرجاها أهل التوحيد إلى مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة .