الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا} (48)

قوله : ( اِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُّشْرَكَ بِهِ ) الآية [ 48 ] .

قال ابن عمر : كنا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نشك في قاتل المؤمن ، وأكل مال اليتيم ، وشاهد الزور ، وقاطع الرحم ، يعني في الشهادة له بالنار حتى نزلت : ( اِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُّشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَّشَاءُ ) فأمسكنا عن الشهادة( {[12611]} ) .

وروي عن ابن عمر أنه قال : لما نزلت ( يَا عِبَادِيَ الذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) إلى قوله ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً )( {[12612]} ) قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : والشرك يا رسول الله . فنزلت ( اِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُّشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَّشَاءُ( {[12613]} ) ) فكان قوله

( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) أنه( {[12614]} ) ما دون الشرك .

وقيل : المعنى ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء بعد التوبة ولا يحسن هذا لأنه يجب منه أن يكون من تاب ، ومات على توبته موقوفاً على المشيئة إن شاء غفر له وإن شاء لم يغفر له ، وهذا قول لم يقله أحد ، ولا يجوز اعتقاده بل الميت على توبته مغفور له( {[12615]} ) بإجماع( {[12616]} ) .

قوله : ( وَمَنْ يُّشْرِكْ بِاللَّهِ ) : أي : يشرك في عبادته غيره ( فَقَدِ افْتَرَى ) أي : اختلق ( إِثْماً عَظِيماً ) .

روى جابر بن عبد الله أنه قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الموجبتين ، فقال : " من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ، ومن مات يشرك بالله دخل النار " ( {[12617]} ) .


[12611]:- انظر: جامع البيان 5/126. وذكره في الدر المنثور 2/557 ونسبه إلى ابن أبي حاتم والبزار وهو في تفسير ابن أبي حاتم (4929) و(5235) و(5460) [المدقق].
[12612]:- الزمر آية 50.
[12613]:- انظر: المصدر السابق. والدر المنثور 2/557. ونسبه إلى ابن أبي حاتم، كما رواه الطبري ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره (5461)
[12614]:- (أ): أنها.
[12615]:- (أ): لها.
[12616]:- انظر: معاني الزجاج 2/60، وإعراب النحاس 1/232.
[12617]:- خرجه مسلم في كتاب الإيمان 1/65، والبغوي في شرح السنة 1/96، وذكره السيوطي في الجامع الصغير 2/647.