{ 36 - 37 } { وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }
يخبر تعالى عن طبيعة أكثر الناس في حالي الرخاء والشدة أنهم إذا أذاقهم اللّه منه رحمة من صحة وغنى ونصر ونحو ذلك فرحوا بذلك فرح بطر ، لا فرح شكر وتبجح بنعمة اللّه .
{ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } أي : : حال تسوؤهم وذلك { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } من المعاصي . { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } ييأسون من زوال ذلك الفقر والمرض ونحوه . وهذا جهل منهم وعدم معرفة .
ثم قال : { وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } ، هذا إنكار على الإنسان من حيث هو ، إلا مَنْ عَصَمه الله ووفقه ؛ فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بَطر وقال : { ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } [ هود : 10 ] ، أي : يفرح في نفسه ويفخر على غيره ، وإذا أصابته شدة قَنط وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير بالكلية ؛ قال الله : { إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [ هود : 11 ] ، أي : صبروا في الضراء ، وعملوا الصالحات في الرخاء ، كما ثبت في الصحيح : " عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرًا له ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له ، وإن أصابته ضَرَّاء{[22859]} صبر فكان خيرًا له " {[22860]} .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَآ أَذَقْنَا النّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ بِمَا قَدّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وإذا أصاب الناس منا خصب ورخاء ، وعافية في الأبدان والأموال ، فرحوا بذلك ، وإن تصبهم منا شدّة من جدب وقحط وبلاء في الأموال والأبدان بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ يقول : بما أسلفوا من سيىء الأعمال بينهم وبين الله ، وركبوا من المعاصي إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ يقول : إذا هم ييأسون من الفرج والقنوط : هو الإياس ومنه قول حميد الأرقط .
*** قَدْ وَجَدُوا الحَجّاجَ غيرَ قانِطِ ***
وقوله : إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ هو جواب الجزاء ، لأن «إذا » نابت عن الفعل بدلالتها عليه ، فكأنه قيل : وإن تصبهم سيئة بما قدّمت أيديهم وجدتهم يقنطون ، أو تجدهم ، أو رأيتهم ، أو تراهم . وقد كان بعض نحويي البصرة يقول : إذا كانت «إذا » جوابا لأنها متعلقة بالكلام الأوّل بمنزلة الفاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.