تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ دُخِلَتۡ عَلَيۡهِم مِّنۡ أَقۡطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلۡفِتۡنَةَ لَأٓتَوۡهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلَّا يَسِيرٗا} (14)

{ وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ } المدينة { مِنْ أَقْطَارِهَا } أي : لو دخل الكفار إليها من نواحيها ، واستولوا عليها -لا كان ذلك- { ثُمَّ } سئل هؤلاء { الْفِتْنَة } أي : الانقلاب عن دينهم ، والرجوع إلى دين المستولين المتغلبين { لَآتَوْهَا } أي : لأعطوها مبادرين .

{ وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا } أي : ليس لهم منعة ولا تَصلُّبٌ على الدين ، بل بمجرد ما تكون الدولة للأعداء ، يعطونهم ما طلبوا ، ويوافقونهم على كفرهم ، هذه حالهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَوۡ دُخِلَتۡ عَلَيۡهِم مِّنۡ أَقۡطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلۡفِتۡنَةَ لَأٓتَوۡهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلَّا يَسِيرٗا} (14)

يخبر تعالى عن هؤلاء الذين { يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا } : أنهم لو دَخل عليهم الأعداء من كل جانب من جوانب المدينة ، وقُطر من أقطارها ، ثم سئلوا الفتنة ، وهي الدخول في الكفر ، لكفروا سريعًا ، وهم لا يحافظون على الإيمان ، ولا يستمسكون به مع أدنى خوف وفزع .

هكذا فسرها قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد ، وابن جرير ، وهذا ذم لهم في غاية الذم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَوۡ دُخِلَتۡ عَلَيۡهِم مِّنۡ أَقۡطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلۡفِتۡنَةَ لَأٓتَوۡهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلَّا يَسِيرٗا} (14)

وقوله : وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أقْطارِها يقول : ولو دخلت المدينة على هؤلاء القائلين إنّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ من أقطارها ، يعني : من جوانبها ونواحيها ، واحدها : قطر ، وفيها لغة أخرى : قُتر ، وأقتار ومنه قول الراجز :

إنْ شِئْتَ أنْ تدهن أو تمرا *** فَوَلّهِنّ قُتْرَكَ الأشَرّا

وقوله : ثُمّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ يقول : ثم سئلوا الرجوع من الإيمان إلى الشرك لاَتَوْها يقول : لفعلوا ورجعوا عن الإسلام وأشركوا . وقوله : وَما تَلَبّثُوا بها إلاّ يَسِيرا يقول : وما احتبسوا عن إجابتهم إلى الشرك إلاّ يسيرا قليلاً ، ولأسرعوا إلى ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أقْطارها أي لو دخل عليهم من نواحي المدينة ثُمّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ : أي الشرك لاَتَوْها يقول : لأعطوها ، وَما تَلَبّثُوا بِها إلاّ يَسِيرا يقول : إلاّ أعطوه طيبة به أنفسهم ما يحتبسونه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أقْطارِها يقول : لو دخلت المدينة عليهم من نواحيها ثُمّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ لاَتَوْها سئلوا أن يكفروا لكفروا قال : وهؤلاء المنافقون لو دخلت عليهم الجيوش ، والذين يريدون قتالهم ثم سئلوا أن يكفروا لكفروا قال : والفتنة : الكفر ، وهي التي يقول الله الفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْلِ أي الكفر يقول : يحملهم الخوف منهم ، وخبث الفتنة التي هم عليها من النفاق على أن يكفروا به .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : لاَتَوْها فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة وبعض قرّاء مكة : «لاَءَتَوْها » بقصر الألف ، بمعنى جاءوها . وقرأه بعض المكيين وعامة قرّاء الكوفة والبصرة : لاَتَوْها بمدّ الألف ، بمعنى : لأعطوها ، لقوله : ثم سئلوا الفتنة وقالوا : إذا كان سؤال كان إعطاء ، والمدّ أعجب القراءتين إليّ لما ذكرت ، وإن كانت الأخرى جائزة .