{ ثُمَّ سَوَّاهُ } بلحمه ، وأعضائه ، وأعصابه ، وعروقه ، وأحسن خلقته ، ووضع كل عضو منه ، بالمحل الذي لا يليق به غيره ، { وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ } بأن أرسل إليه الملك ، فينفخ فيه الروح ، فيعود
بإذن اللّه ، حيوانا ، بعد أن كان جمادًا .
{ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ } أي : ما زال يعطيكم من المنافع شيئًا فشيئا ، حتى أعطاكم السمع والأبصار { وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ } الذي خلقكم وصوركم .
" ثم سواه " رجع إلى آدم ، أي سوى خلقه . " ونفخ فيه من روحه " ثم رجع إلى ذريته فقال : " وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة " وقيل : ثم جعل ذلك الماء المهين خلقا معتدلا ، وركب فيه الروح وأضافه إلى نفسه تشريفا . وأيضا فإنه من فعله وخلقه كما أضاف العبد إليه بقوله : " عبدي " . وعبر عنه بالنفخ ؛ لأن الروح في جنس الريح . وقد مضى هذا مبينا في " النساء " {[12650]} وغيرها . " قليلا ما تشكرون " أي ثم أنتم لا تشكرون بل تكفرون .
{ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } أي عقب خلقه من طين جعله سويا مستقيما على ما ينبغي من حسن الهيئة والصورة ثم نفخ فيه بعد ذلك من روحه تشريفا له ، وتعريفا بقدره ، وإشعارا بأنه مخلوق عجيب مميز ومفضل على كثير من الخلائق .
قوله : { وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ } { وَالْأَفْئِدَةَ } ، بمعنى القلوب ، فالله يمنّ على عباده بما أنعم به عليهم من عجيب النعم وهي كثيرة . ومن جملتها السمع ؛ فهو يعي بسمعه المواعظ والعبر ، وينتفع بما يطرقه من كلمات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويلين قلبه وحسه وجوارحه إذا تدبر القرآن وهو يتلى على مسمعه بنظمه الخارق الباهر ، وإيقاعه المثير المذهل .
وكذلك الأبصار ليرى بعينيه ما خلق الله من عجائب المشاهد ة المنظورة في الطبيعة من سهول ووهاد وبحار وأنهار ، وأشجار وأزهار . كذلك الأفئدة ، وهي العقول ، قد جعلها الله للإنسان ، ليتفكر بها ويميز بها الحق من الباطل ، والصواب من الاعوجاج .
قوله : { قليلا ما تشكرون } أي تشكرون شكرا قليلا ، بدلا من دوام الشكر منكم لله على ما منّ به عليكم من جزيل النعم{[3674]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.