تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا} (24)

ولهذا قال : { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا } أي : اصبر لحكمه القدري ، فلا تسخطه ، ولحكمه الديني ، فامض عليه ، ولا يعوقك عنه عائق . { وَلَا تُطِعْ } من المعاندين ، الذين يريدون أن يصدوك { آثِمًا } أي : فاعلا إثما ومعصية ولا { كَفُورًا } فإن طاعة الكفار والفجار والفساق ، لا بد أن تكون في المعاصي ، فلا يأمرون{[1314]}  إلا بما تهواه أنفسهم .


[1314]:- في ب: لا بد أن تكون معصية لله لأنهم لا يأمرون.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا} (24)

قوله تعالى : " فاصبر لحكم ربك " أي لقضاء ربك . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : اصبر على أذى المشركين ، هكذا قضيت . ثم نسخ بآية القتال . وقيل : أي اصبر لما حكم به عليك من الطاعات ، أو انتظر حكم الله إذ وعدك أنه ينصرك عليهم ، ولا تستعجل فإنه كائن لا محالة . " ولا تطع منهم آثما أو كفورا " أي ذا إثم

" أو كفورا " أي لا تطع الكفار . فروى معمر عن قتادة قال : قال أبو جهل : إن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه . فأنزل الله عز وجل : " ولا تطع منهم آثما أو كفورا " .

ويقال : نزلت في عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة ، وكانا أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضان عليه الأموال والتزويج ، على أن يترك ذكر النبوة ، ففيهما نزلت : " ولا تطع منهم آثما أو كفورا " . قال مقاتل : الذي عرض التزويج عتبة بن ربيعة ، قال : إن بناتي من أجمل نساء قريش ، فأنا أزوجك ابنتي من غير مهر وارجع عن هذا الأمر . وقال الوليد : إن كنت صنعت ما صنعت لأجل المال ، فأنا أعطيك من المال حتى ترضى وارجع عن هذا الأمر ، فنزلت . ثم قيل : " أو " في قوله تعالى : " آثما أو كفورا " أوكد من الواو ؛ لأن الواو إذا قلت : لا تطع زيدا وعمرا فأطاع أحدهما كان غير عاص ؛ لأنه أمره ألا يطيع الاثنين ، فإذا قال : " لا تطع منهم آثما أو كفورا " ف " أو " قد دلت على أن كل واحد منهما أهل أن يعصي ، كما أنك إذا قلت : لا تخالف الحسن أو ابن سيرين ، أو اتبع الحسن أو ابن سيرين فقد قلت : هذان أهل أن يتبعا وكل واحد منهما أهل لأن يتبع . قاله الزجاج . وقال الفراء : " أو " هنا بمنزلة " لا " كأنه قال : ولا كفورا . قال الشاعر :

لا وَجْدُ ثَكْلَى كما وجدت ولا *** وَجْدُ عَجُولٍ أضَلَّهَا رُبَعُ{[15705]}

أو وَجْدُ شيخ أضلَّ ناقَتَهُ *** يوم توافَى الحجيجُ فاندفعُوا

أراد ولا وجد شيخ . وقيل : الآثم المنافق ، والكفور الكافر الذي يظهر الكفر ، أي لا تطع منهم آثما ولا كفورا . وهو قريب من قول الفراء .


[15705]:العجول من النساء والإبل: الواله التي فقدت ولدها، سميت بذلك لعجلتها في جيئتها وذهابها جزعا، وهي هنا الناقة. والربع: كمضر: الفصيل ينتج في الربيع.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا} (24)

{ آثما أو كفورا } أو هنا للتنويع فالمعنى : لا تطع النوعين ، فاعلا للإثم ولا كفورا ، وقيل : هي بمعنى الواو أي : جامعا للوصفين لأن هذه هي حالة الكفار ، وروي : أن الآية نزلت في أبي جهل ، وقيل : أن الآثم عتبة بن ربيعة ، والكفور الوليد بن المغيرة ، والأحسن أنها على العموم ، لأن لفظها عام ، وإن كان سبب نزولها خاصا .