وحيث سلى قلبه أمره بالصبر على أذى الكفار إلى أوان تنزيل آية القتال ونهاه عن طاعة كل آثم منهم وخصوصاً الكفور فإن الكفر أعظم الآثام قال النحويون : كلمة أو مفيدة لأحد الشيئين أو الأشياء ، فأورد عليه أنه يلزم في الآية أنه لا يجوز طاعة الآثم والكفور إذا تخالفا . أما إذا توافقا فإنه يجوز طاعتهما إذ لا يبعد أن يقول السيد لعبده إذا أمرك أحد هذين الرجلين فخالفه . أما إذا توافقا فلا تخالفهما . والجواب أنه لا ريب أن قولك " لا تضرب زيداً أن أو عمراً " معناه في الأظهر لا تضرب زيداً ولا عمراً . ويحتمل احتمالاً مرجوحاً " لا تضرب أحدهما واضرب الآخر " إلا أن هذا الاحتمال مدفوع في الآية لقرينة الإثم والكفر فإن أحدهما إذا كان منهياً عنه فكلاهما معاً أولى لأن زيادة الشرِّ شرٌّ . ولهذا قال الفراء : لا تطع واحداً منهما سواء كان آثماً أو كفوراً . ولو كان العطف بالواو كان نصاً في النهي عن طاعتهما معاً ، ولا يلزم منه النهي عن طاعة كل منهما على الإنفراد . وقد خص بعض المفسرين فقال : الآثم هو عتبة لأنه كان متعاطياً لأنواع الفسوق . والكفور هو الوليد لأنه كان شديد الشكيمة في الكفر . يروى أن عتبة بن ربيعة قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ارجع عن هذا الأمر حتى أزوجك ولدي فإني من أجمل قريش ولداً . وقال الوليد : أنا أعطيك من المال حتى ترضى فإني من أكثرهم مالاً . فقرأ عليهم رسول الله من أول " حم السجدة " إلى قوله { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } فانصرفا عنه . وقال أحدهما : ظننت أن الكعبة ستقع . وقال الحسن : الآثم هو المنافق ، والكفور مشركو العرب ، أمره بالصبر على التكاليف مطلقاً . ثم قسمها إلى نهي وأمر على هذا الترتيب لأن التخلية مقدمة على التحلية . أما النهي فقد مر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.