غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا} (24)

1

وحيث سلى قلبه أمره بالصبر على أذى الكفار إلى أوان تنزيل آية القتال ونهاه عن طاعة كل آثم منهم وخصوصاً الكفور فإن الكفر أعظم الآثام قال النحويون : كلمة أو مفيدة لأحد الشيئين أو الأشياء ، فأورد عليه أنه يلزم في الآية أنه لا يجوز طاعة الآثم والكفور إذا تخالفا . أما إذا توافقا فإنه يجوز طاعتهما إذ لا يبعد أن يقول السيد لعبده إذا أمرك أحد هذين الرجلين فخالفه . أما إذا توافقا فلا تخالفهما . والجواب أنه لا ريب أن قولك " لا تضرب زيداً أن أو عمراً " معناه في الأظهر لا تضرب زيداً ولا عمراً . ويحتمل احتمالاً مرجوحاً " لا تضرب أحدهما واضرب الآخر " إلا أن هذا الاحتمال مدفوع في الآية لقرينة الإثم والكفر فإن أحدهما إذا كان منهياً عنه فكلاهما معاً أولى لأن زيادة الشرِّ شرٌّ . ولهذا قال الفراء : لا تطع واحداً منهما سواء كان آثماً أو كفوراً . ولو كان العطف بالواو كان نصاً في النهي عن طاعتهما معاً ، ولا يلزم منه النهي عن طاعة كل منهما على الإنفراد . وقد خص بعض المفسرين فقال : الآثم هو عتبة لأنه كان متعاطياً لأنواع الفسوق . والكفور هو الوليد لأنه كان شديد الشكيمة في الكفر . يروى أن عتبة بن ربيعة قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ارجع عن هذا الأمر حتى أزوجك ولدي فإني من أجمل قريش ولداً . وقال الوليد : أنا أعطيك من المال حتى ترضى فإني من أكثرهم مالاً . فقرأ عليهم رسول الله من أول " حم السجدة " إلى قوله { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } فانصرفا عنه . وقال أحدهما : ظننت أن الكعبة ستقع . وقال الحسن : الآثم هو المنافق ، والكفور مشركو العرب ، أمره بالصبر على التكاليف مطلقاً . ثم قسمها إلى نهي وأمر على هذا الترتيب لأن التخلية مقدمة على التحلية . أما النهي فقد مر .

/خ31