فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا} (24)

{ فاصبر لِحُكْمِ رَبّكَ } أي لقضائه ومن حكمه . وقضائه تأخير نصرك إلى أجل اقتضته حكمته . قيل : وهذا منسوخ بآية السيف { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءاثِماً أَوْ كَفُوراً } أي لا تطع كل واحد من مرتكب لإثم وغال في كفر ، فنهاه الله سبحانه عن ذلك . قال الزجاج : إن الألف هنا آكد من الواو وحدها لأنك إذا قلت : لا تطع زيداً وعمراً ، فأطاع أحدهما كان غير عاص ، لأنه أمره أن لا يطيع الاثنين ، فإذا قال : «لا تطع منهم آثماً أو كفوراً » دلّ ذلك على أن كل واحد منهما أهل أن يعصى ، كما أنك إذا قلت : لا تخالف الحسن أو ابن سيرين ، فقد قلت إنهما أهل أن يتبعا ، وكل واحد منهما أهل أن يتبع . وقال الفرّاء : «أو » هنا بمنزلة لا ، كأنه قال : ولا كفوراً . وقيل المراد بقوله : { ءاثِماً } عتبة بن ربيعة ، وبقوله : { أَوْ كَفُوراً } الوليد بن المغيرة ، لأنهما قالا للنبيّ صلى الله عليه وسلم : ارجع عن هذا الأمر ونحن نرضيك بالمال والتزويج .