( قال : بصرت بما لم يبصروا به ، فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها . وكذلك سولت لي نفسي ) . .
وتتكاثر الروايات حول قول السامري هذا . فما هو الذي بصر به ? ومن هو الرسول الذي قبض قبضة من أثره فنبذها ? وما علاقة هذا بعجل الذهب الذي صنعه ? وما أثر هذه القبضة فيه ?
والذي يتردد كثيرا في هذه الروايات أنه رأى جبريل - عليه السلام - وهو في صورته التي ينزل بها إلى الأرض ؛ فقبض قبضة من تحت قدمه ، أو من تحت حافر فرسه ، فألقاها على عجل الذهب ، فكان له هذا الخوار . أو إنها هي التي أحالت كوم الذهب عجلا له خوار .
والقرآن لا يقرر هنا حقيقة ما حدث ، إنما هو يحكي قول السامري مجرد حكاية . . ونحن نميل إلى اعتبار هذا عذرا من السامري وتملصا من تبعة ما حدث . وأنه هو صنع العجل من الذهب الذي قذفه بنو إسرائيل من زينة المصريين التي أخذوها معهم ، وأنه صنعه بطريقة تجعل الريح تصوت في فراغه فتحدث صوتا كالخوار . ثم قال حكاية أثر الرسول يبرر بها موقفه ، ويرجع الأمر إلى فطنته إلى أثر الرسول !
وقرأت فرقة «بصُرت » بضم الصاد على معنى صارت بصيرتي بصورة ما فهو كطرفت وشرفت ، وقرأت فرقة «بصِرت » بكسر الصاد ، فيحتمل أن يراد من البصيرة ويحتمل أن يراد من البصر وذلك أن في أمر السامري ما زاده على الناس بالبصر وهو وجه جبريل عليه السلام وفرسه وبالبصيرة وهو ما علمه من أن القبضة إذا نبذها مع الحلي جاءه من ذلك ما يريد ، وقرأ الجمهور «يبصروا » بالياء يريد بني إسرائيل ، وقرأ حمزة والكسائي «تبصروا » بالتاء من فوق يريد موسى مع بني إسرائيل ، وقرأ الجمهور «فقبضت قبضة » بالضاد منقوطة بمعنى أخذت بكفي مع الأصابع ، وقرأ ابن مسعود وابن الزبير وأبي بن كعب وغيرهم ، «فقبصت قبصة » بالصاد غير منقوطة بمعنى أخذت بأصابعي فقط ، وقرأ الحسن بخلاف عنه «قُبضة » بضم القاف{[8152]} . و { الرسول } جبريل عليه السلام ، و «الأثر » هو تراب تحت حافر فرسه ، وسبب معرفة السامري بجبريل وميزه له فيما روي أن السامري ولدته أمه عام الذبح فطرحته في مغارة فكان جبريل عليه السلام يغذوه ويحميه حتى كبر وشب فميزه بذلك .
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف . وقوله { فنبذتها } أي على الحلي فكان منها ما تراه وهذا محذوف من اللفظ تقتضيه الحال والمخاطبة . ثم قال { وكذلك سولت لي نفسي } أي وكما حدث ووقع قويت لي نفسي وجعلته لي سولاً وإرباً حتى فعلته ، وكان موسى عليه السلام لا يقتل بني إسرائيل إلا في حد أو وحي فعاقبه باجتهاد نفسه بأن أبعده ونحاه عن الناس وأمر بني إسرائيل باجتنابه واجتناب قبيلته وأن لا يواكلوا ولا يناكحوا ونحو هذا ، وعلمه مع ذلك وجعل له أن يقول مدة حياته { لا مساس } أي لا مماسة ولا إذاية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.