{ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ } وهي شجرة الزيتون ، أي : جنسها ، خصت بالذكر ، لأن مكانها خاص في أرض الشام ، ولمنافعها ، التي ذكر بعضها في قوله : { تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ } أي : فيها الزيت ، الذي هو دهن ، يستعمل{[549]} استعماله من الاستصباح به ، واصطباغ الآكلين ، أي : يجعل إداما للآكلين ، وغير ذلك من المنافع .
ويخصص من الأنواع الأخرى شجرة الزيتون :
وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين . .
وهي من أكثر الشجر فائدة بزيتها وطعامها وخشبها . وأقرب منابتها من بلاد العرب طور سيناء . عند الوادي المقدس المذكور في القرآن . لهذا ذكر هذا المنبت على وجه خاص . وهي تنبت هناك من الماء الذي أسكن في الأرض وعليه تعيش .
وقوله { وشجرة } عطف على قوله { جنات } ويريد بها الزيتونة وهي كثيرة في { طور سيناء } من أرض الشام وهو الجبل الذي كلم فيه موسى عليه السلام قاله ابن عباس وغيره ، و «الطور » الجبل في كلام العرب وقيل هو مما عرب من كلام العجم واختلف في { سيناء } فقال قتادة معناه الحسن ويلزم على هذا التأويل أَن ينون «الطور » وقال مجاهد معناه مبارك ، وقال معمر عن فرقة ذو شجر ع ويلزمهم أن ينون «الطور » ، وقال الجمهور هو اسم الجبل كما تقول جبل أحد ، و { سيناء } ، اسم مضاف إليه الجبل ، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير «سِيناء » بكسر السين ، وقرأ الباقون وعمر بن الخطاب «سَيناء » بفتح السين ، وكلهم بالمد ، فعلى فتح السين لا ينصرف الاسم بوجه ، وعلى كسر السين فالهمزة كهمزة حرباء ولم يصرف في هذه الآية لأَنه جعل اسم بقعة أو أَرض ، وقرأ الجمهور ، «تنبُت » بفتح التاء وضم الباء فالتقدير تنبت ومعها الدهن كما تقول خرج زيد بسلاحه ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «تُنبت » بضم التاء واختلف في التقدير على هذه القراءة ، فقالت فرقة الباء زائدة وهذا كقوله
{ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }{[8470]} [ البقرة : 195 ] وهذا المثال عندي معترض وإن كان أبو علي ذكره وكقول الشاعر : [ الرجز ]
نحن بني جعدة أرباب الفلج . . . نضرب بالبيض ونرجو بالفرج{[8471]}
ونحو هذا . وقالت فرقة : التقدير «تنبت » جناها ومعه الدهن فالمفعول محذوف قاله أبو علي الفارسي أيضاً وقد قيل نبت وأنبت بمعنى فيكون الفعل كما مضى في قراءة الجمهور والأصمعي ينكر البيت ويتهم قصيدة زهير التي فيها أَنبت البقل{[8472]} ، وقرأ الزهري والحسن والأعرج «تُنبَتُ » برفع التاء ونصب الباء قال أَبو الفتح هي باء الحال أي تنبت ومعها دهنها{[8473]} وفي قراءة ابن مسعود تخرج بالدهن وهي أيضاً باء الحال وقرأ زر بن حبيش «تُنبِت » بضم التاء وكسر الباء «الدهن » بحذف الباء ونصبه وقرأ سليمان بن عبد الملك والأشهب «بالدهان » بالألف والمراد في هذه الآية تعديد نعمة الزيت على الإنسان وهي من أركان النعم التي لا غنى بالصحة عنها ويدخل في معنى الزيتونة شجر الزيت كله على اختلافه بحسب الأقطار وقرأت فرقة ، «وصبغ » ، وقرأت فرقة «وأصباغ » بالجمع ، وقرأ عامر بن عبد قيس ، «ومتاعاً للآكلين »{[8474]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.